الأحد، 15 يونيو 2025

من تصفية نصر الله إلى اغتيال قادة الحرس الثوري

 من تصفية نصر الله إلى اغتيال قادة الحرس الثوري

بقلم: سارة آل فارس العمري


لست كاتبة محترفة، ولا أزعم امتلاك أدوات التحليل الأكاديمي، لكنني متابعة للشأن السياسي منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ورأيت خلال هذه السنوات ما يكفي من الحروب والصفقات والانقلابات الخفية.

 ومع مرور الوقت، أصبحت أكثر حساسية تجاه ما لا يقال، وأكثر ميلاً لقراءة ما بين السطور.


لذلك، حين أراقب ما يجري اليوم بين إسرائيل وإيران، لا أراه مجرد مواجهة تقليدية أو تصعيداً نووياً، بل أراه فصلاً متاخراً من خطة أوسع، بدأت منذ سنوات، وها هي تصل الآن إلى لحظة الحسم.


تصفية الأذرع .. تمهيد لضرب الرأس


ما جرى خلال السنوات الأخيرة لم يكن عشوائياً. بل بدا وكأن هناك من يمهد المسرح لضرب إيران في قلبها، بعد تفكيك نفوذها الإقليمي ذراعاً تلو الأخرى:


حزب الله وقيادته، وعلى رأسهم حسن نصر الله، أصبحوا في مرمى الاستهدافات الدقيقة، وتحت ضغط استخباراتي وعسكري غير مسبوق.


الحوثيون، بعد تصعيدهم الكبير، تلقوا ضربات قاسية أضعفتهم ميدانياً وسياسياً، وفتحت باب التآكل من الداخل.


النظام السوري لم يعد موجوداً فعلياً، بعد أن انهار سياسياً وميدانياً، وفقد قراره وسيادته، وبات كياناً خاوٍ لا يمثل سوى ذكرى لمرحلة مضت.


حركة حماس، التي لطالما كانت ورقة إيران في الساحة الفلسطينية، تعرضت لاغتيالات طالت رموزها البارزين، وكأن الهدف هو تفريغها من قيادتها ومن مشروعها العسكري.


بعد كل هذا، بدا أن الطريق صار ممهداً للوصول إلى مركز القرار في طهران.


ضرب الداخل الإيراني .. هل هناك من سهل المهمة؟


الاغتيالات التي استهدفت قادة كبار في الحرس الثوري، والعقول النووية، وتكرار الاختراقات الأمنية داخل إيران، تثير سؤالًا مشروعاً:

هل هناك من الداخل من يسهل هذه المهمة؟

ربما تعب البعض من العقيدة الصدامية للنظام، وربما وصلوا إلى قناعة أن إيران بحاجة إلى وجه جديد، وفكر جديد، يتصالح مع الواقع بدلاً من مواصلة الصراع العبثي.

وقد يكون المشروع الآن ليس إسقاط النظام بمعناه الكامل، بل تفكيكه من الداخل وإعادة بنائه على أسس جديدة.


إسرائيل تنفذ .. لكنها ليست وحدها


تبدو إسرائيل في واجهة المشهد، تنفذ بدقة وهدوء، لكن هل هي تتحرك منفردة؟

أم أن هناك تنسيقاً اقليمياً ودولياً، وربما “قبولاً ضمنياً” من بعض التيارات داخل إيران، لإعادة تشكيل النظام؟


ما يحدث يتجاوز فكرة الردع النووي، ويتجه نحو هدم العقيدة الثورية التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية، واستبدالها بعقيدة سياسية أكثر واقعية.


خاتمة القول:


لا أرى في هذه الحرب حدثاً منفصلاً، بل تتويجاً لخطة أوسع بدأت منذ سنوات:

تصفية الأذرع، إسقاط الحلفاء، ضرب رموز حماس، ثم الوصول إلى قلب طهران.


ما يجري الآن هو محاولة لإنتاج إيران جديدة، بفكر جديد، لا تقوم على الحرس الثوري، بل على عقل الدولة، والانفتاح، والانخراط في منظومة المصالح لا الأيديولوجيا.


قد نرى المعارك في ظاهرها مواجهة بين عدوين، لكن في باطنها، هي تفاهمات داخلية وخارجية لإعادة صياغة المنطقة من جذورها.

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

القافلة وصلت والكلاب تنبح


"القافلة وصلت والكلاب تنبح"

بقلم: سارة العمري




قبل أسابيع، كنت في رحلة على متن الخطوط السعودية، وحينما استقررت في مقعدي، همست في أذن ابنتي قائلة: "أشعر بانتماء عميق وولاء كبير لهذه الخطوط، بل حب لكل ما يمثل هذا الوطن العظيم."
وما هي إلا لحظات حتى توالت أمامي أسباب هذا الشعور.

بدءًا من الترحيب الودود من قائد الطائرة السعودي، مروراً بشعور الطمأنينة الذي يغمر القلب مع قراءة دعاء السفر الذي رافقنا لسنوات على متن هذه الخطوط.
ثم توالت حفاوة الشباب السعوديين الذين يعملون كمضيفين، بعباراتهم التي تجمع بين الأدب والود. "لاهنت يا عم"، "لو تكرمتِ يا والدة"، "سمّ وحاضر وابشر".

وجدت نفسي في مشهد عائلي يفيض بالألفة والحب، فأغمضت عيناي وقلبي يملؤه الاعتزاز، وابتسامة رضا تعلو وجهي، وأنا أتمتم: الحمد لله على نعمة السعودية.وما هي إلا أيام حتى انطلقت القوافل البرية التي تحمل الطائرات السعودية القديمة في رحلةٍ استثنائية من جدة إلى الرياض.

لم تكن تلك الطائرات مجرد آلاتٍ صماء، بل كانت رمزاً تاريخياً يحكي عن حقبة مجيدة من أمجاد المملكة، وعن دور هذه الطائرات في رفعة شعار الوطن وتحليقها ذات يومٍ عاليًا في سماء العزة والفخر.في كل مدينة وقرية مرت بها القوافل، كان السعوديون، يقفون في انتظارها، يملؤهم الشوق والحنين لتلك الطائرات التي حلّقت في السماء رافعةً شعار المملكة.

لم يكن الاحتفاء بالحديد كما قال معالي المستشار تركي آل الشيخ، بل بالشعار الذي تحمله، شعار العز والشموخ، الذي يمثل لكل سعودي رمزاً للخير والعدل والقوة.السعوديون بطبعهم أهل كرمٍ وضيافة، وبمجرد مرور القوافل في قراهم ومدنهم، لم يتوانوا عن التعبير عن فخرهم ووفائهم لوطنهم. انتشرت الولائم في الطرقات، وامتلأت الطرقات بالهتافات والاحتفالات، وكأن تلك الطائرات تعود لتحلق من جديد في سماء الولاء والعزة. هذا الكرم السعودي الأصيل لم يكن مجرد ضيافة، بل كان رسالة للعالم أن الشعب السعودي لا ينسى رموزه ولا يتنكر لماضيه المجيد.

ولعل ما أغاظ أعداء الوطن وخفافيش الظلام هو هذا الاحتفاء الكبير بشعار المملكة، ذلك الشعار الذي تنكروا له وخانوه، وظنوا أن بإمكانهم محوه من ذاكرة الوطن والمواطن.
ولكن الطائرات القديمة التي حملت هذا الشعار عبر فضاءات العالم يوماً ما، تعود اليوم لتذكرنا جميعاً بقيمة هذا الرمز الذي ضحى من أجله الأجداد، والذي ما زال يعبر عن قوة ومجد هذا الوطن.

بينما تنكر أعداء الوطن لفضله، واصلت الطائرات، ولو على متن ناقلات برية، في رحلتها وهي تحمل وفاءً صامتاً أعظم من كلماتهم الجوفاء.
لقد عبرت هذه الطائرات فضاءات العالم بشعار المملكة، رافعة هذا الشعار في كل مكان، وكانت أكثر ولاءً لوطنها من أولئك الذين باعوا ضمائرهم وتآمروا على وطنهم.

ونحن السعوديين، قيادةً وشعباً، نحمل هذا الشعار في قلوبنا قبل أن تحمله الطائرات على أجنحتها، ورغم نعيق الغربان وتآمر الخونة، يبقى السعوديون أوفياء لوطنهم، ماضين في طريقهم تحت راية التوحيد بقيادة والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده القوي الأمين قائدنا الملهم الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله وأيّدهما بنصره وتوفيقه.

وفي الختام، نقولها بملء الفم: القافلة تسير، والكلاب تنبح.
المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً، ولن يوقفها نعيق الأعداء أو تآمر الخائنين.



الثلاثاء، 22 فبراير 2022

 

    "تأسيس السعودية العظمى"

بقلم : سارة العمري..



السعودية موجودة قبل الولايات المتحدة الاميركية فهي موجودة منذ عام ١٧٤٤ أي قبل الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي ثلاثين عام.
"محمد بن سلمان" 
بلادنا لم تأتي بتوقيع من ⁧‫الأمم المتحدة‬⁩ بل تأسست بأيدينا وليس بإستقلال من إحتلال أو استعمار.
"عبدالعزيز بن سلمان"

بعد ماتقدم من أقوال لقادة سيخلدهم ويخلدها التاريخ..
كلنا يؤمن بإن الوطن ليس مجرد احتفالات ومهرجانات، وليس تنظيراً ومقالات، 
بل هو أرواح ودماء ضحت في سبيل أن يبقى شامخاً عزيزاً.
الوطن مزيج من أقوالاً وأفعالاً خالدة، جسدها التاريخ التليد، والحاضر المجيد..
على يديّ رجال عظماء نُقشت أسمائهم وأفعالهم بمداد من ذهب على صفحات التاريخ.
الوطن تأسيس يتلوه تأسيس، وإنجازات تولّد إنجازات، ونهضة يعقبها نهضة، وريادة وعلو في كل زمان ومكان.
ونحن نحتفل اليوم بذكرى تأسيس الدولة السعودية، التي تضرب بأطنابها في عمق التاريخ، على أمتداد ثلاثة قرون.
لن أسهب في الحديث عن تاريخ بلادنا العريق، الذي رضعناه مع حليب أمهاتنا، فهو راسخ في ذاكرتنا منذ الطفولة، حيث ورثناه حباً وانتماء من الأباء والأجداد، وتعلمناه بشغف و اهتمام ، مع أول حرف درسناه في مدارسنا، فكتاب التوحيد الذي ندين الله به، حكى لنا نشأة هذه الدولة العريقة، على العقيدة الصحيحة ، على يد الإمام المؤسس محمد بن سعود والإمام المصلح محمد بن عبدالوهاب ..
وكتاب التاريخ الذي خلد تاريخ بلادنا، علمنا كيف كدح الأجداد لبناء هذا الصرح العظيم ..
 وكتاب الجغرافيا الذي رسمنا خرائطه بأيدينا، رسم في أعماقنا حدود هذا الوطن الغالي، التي لن يمحوها من قلوبنا الا الموت.
لذلك فتاريخ بلادنا راسخ فينا رسوخ عقيدتنا، وثابت ثبات أصولنا، وباقياً بقاء أنفاسنا في صدورنا.
فكلنا فخر واعتزاز وانتماء، لهذا الإمتداد الأصيل، لعائلة آل سعود المباركة، إبتداءً من الإمام محمد بن سعود، ومروراً بالإمام تركي بن عبدالله، و وقوفاً وقفة إجلال وتعظيم، للإمام المبجل والملك المعظم عبدالعزيز ابن عبدالرحمن رحمهم الله جميعاً، و وصولاً لعالي المقام الملك المهاب سلمان الحزم.. وولي عهده الأمين.. الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله وأمدهما بعونه وتوفيقه.
ولعل الجميع يتفق معي بإن مانعيشه اليوم، هو عهد جديد من التأسيس، فهو عهد تأسيس الدولة السعودية العظمى، والتي بدأت نحو المستقبل بخطى متسارعة، منذ إطلاق الرؤية المباركة، فما تحقق من إنجازات، وما وصلنا إليه من مكانة بين دول العالم، وما نتمتع به من ثقل سياسي وعسكري واقتصادي، وما تم من إصلاحات في جميع المجالات، من أهمها محاربة الفساد وتنويع مصادر الدخل بإيجاد بدائل للنفط، وإتاحة المجال للاستثمارات الأجنبية، كل ذلك جعل المملكة وجهة سياسية وإقتصادية وسياحية، الكل يخطب ودها، ويبحث عن موضع قدم على أرضها.
ومانراه اليوم من إزالة للعشوائيات، التي طالما نخرت في صحة وأمن واقتصاد الوطن والمواطن، ولطالما بُحت الأصوات بالمطالبة بالنظر في وضعها،
 لهو معركة من معارك التأسيس الجديدة، التي لا يقدم عليها الا رجل مقدام وقائد شجاع، وهو مافعله القائد الملهم القوي الأمين، مؤسس الدولة السعودية العظمى، الأمير محمد بن سلمان.. أيده الله ونصره.
وذلك بمباركة وتوجيه، من قائدنا ووالدنا الغالي الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأمده بالصحة والعافية.
أن هذه المناسبة الوطنية الغالية، فرصة لتعزيز الولاء والانتماء، لهذا الوطن ولقادته.
فأعداؤنا يتربصون بنا من كل جانب، فلم يكفيهم إشغالنا في معارك خارجية، بل أصبح استهدافنا في عقر دارنا هدف من أهدافهم الخبيثة، وأن هذه العشوائيات كانت تضم خليط من جنسيات شتى، يستخدمونهم أعداء الوطن في تنفيذ مخططاتهم، وذلك بنشر المخدرات وتدمير الشباب، وتجييش هذه العصابات لبناء دولة داخل الدولة، حتى تكون ذخيرة لهم عندما تسمح لهم الفرصة، للانقضاض على هذه البلاد المباركة، حماها الله ورد كيد الكائدين في نحورهم، 
ولا يخفى علينا ماكان يحاك في تلك العشوائيات من مؤامرات، برعاية بعض أبناء جلدتنا.!
ضد أبناء هذا الوطن لإضعاف انتمائهم، وتزكية الدسائس بين أفراد المجتمع ، وبين الشعب وبين القيادة .
وهدف هذا الاستهداف زعزعة الاستقرار، وزرع الفتنة والفرقة، والسطو على ما حبانا الله به من مقدسات وثروات.
ولكن خابوا وخسروا، فما مانراه اليوم من ولاء وانتماء، وهمة دماء شابة طموحه، تضخ في شرايين الوطن، لترتقي به نحو القمة، من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله، لهي مرحلة جديدة تبشر بمستقبل مشرق بمشيئة الله تعالى لهذا الوطن الغالي ولشعبه العظيم.
فهكذا هي الأوطان التي تُبنى بأيدي ودماء ابنائها تبقى شامخة عزيزة مابقي أبنائها المخلصين.

وقد قالها القائد الملهم:
"لسنا قلقين على مستقبل المملكة، بل نتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا، قادرون على أن نصنعه بعون الله.. 
بثرواتها البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها عليها".

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

بهجة العيد

بهجة العيد..

‏شعر: سارة العمري


 تساءل أستاذنا الأديب حمد القاضي ..

 ليلة العيد عبر حسابه في تويتر قائلاً: 

يالذكرى العيد‬⁩ بزمن عذب هل يعود؟ 

وأورد هذه الأبيات للشاعر الراحل نزار قباني عن ذكريات العيد في حارات دمشق

"أين المراجيح في ساحات حارتنا   
‏وضجَّة العيد والتَّكبير صدَّاح
‏وبيت والدنا بالحبِّ يجمعنا
‏ووجه والدتي في العيد وضَّاح
‏هل تذكرون صلاة العيد تؤنسنا
‏وبعضهم نائم والبعض لمَّاح
‏كنا نلوٌن  للأطفال حلمهم
‏ونبذل الجهد هم للمجد أرواح"

فانتابني الشوق وعاد بي الزمن للوراء لسنوات طويلة وتذكرت قريتنا الحالمة مرتع الطفولة ومدارج الصبا..

واسترجعت فرحة العيد وبهجته وطقوسه، التي لايمكن أن تنساها الذاكرة أو يتجاهلها القلب، وفاضت القريحة بهذه الأبيات التي اقتبست بدايتها من رائعة نزار مع تعديل بسيط وقد قوست أبياته..

  راجيةً أن تنال إعجابكم وتلامس شغاف قلوبكم، وتطرق أبواب الحنين في دواخلكم لذلك الزمن الجميل.!

‏((أين المسايير في ساحات قريتنا
‏وضجة العيد والتكبير صداح
‏وبيت والدنا بالحب يجمعنا
‏ووجه والدتي في العيد وضاح
‏أين الذين تراب اﻷرض يعشقهم 
‏فحيثما حطت اﻷقدام أفراح 
‏أين الذين إذا ما الدهر آلمنا 
‏نبكي على صدرهم نغفو ونرتاح))

‏******
‏ الدهرُ يسألُ والأوجاعُ تجتاحُ
‏والذكرياتُ من الوجدان تمتاحُ

‏ياهل ترى سيعود العيد يبهجنا.؟
‏فانتابني الشوق إن الشوق جماحُ

‏توقاً إلى العيد في أرجاء قريتنا
 ‏ و الدارُ أهلٌ و زوارٌ و رواحُ

‏تزهو الموائدُ والأبوابُ مُشرعةٌ
‏والحبُ في الله للأرواحِ مفتاحُ

‏   شعارنا مرحباً ألفاً بزائرنا
‏والبنُّ منتخبٌ و العود فواحُ

‏فبهجة العيد كانت في بساطتنا
رقّت قلوبٌ وطابت ثمَّ أرواحُ

‏قد كانت القرية الفيحاء تغمرنا
‏والصدر منشرحٌ والفكرُ مرتاحُ

‏     لا بارك الله في دنيا تفرقنا
عن جمعة الأهل إذ تحلو بها الساحُ

‏    يا جزعة الروحِ من ذكرى تؤرقنا
في طيف من غادروا الدنيا ومن ساحوا

     ‏ آهٍ على زمنٍ قد كان يؤنسنا
‏      ومشهدُ اليوم أحزانٌ وأتراحُ

‏قد كان صوت نمير الماء يُطربنا
‏والزهرُ يرفلُ والعصفور صداحُ

‏ثُغاء أغنامنا بالقرب يُسعدنا
‏وديك جيراننا بالفأل صدّاحُ

‏ وطهرُ أرواحنا سر ابتسامتنا 
‏إن البراءة للأفراحِ مصباحُ

يابهجة العيد عودي في مرابعنا
‏فالعمر يفنى وسيفُ الدهر سفاحُ

تمضي السنون، ولي في ربنا أملٌ
‏  إن الهموم بلطف الله تنزاحُ


الاثنين، 16 مارس 2020

كلنا جنود في خندق الوطن..

كلنا جنود في خندق الوطن..

بقلم: سارة العمري.

    قالوا: البيت الحرام .. قلت: أرضي .. 
    قالوا: الشرع الإمام .. قلت: أرضي .. 
    قالوا: الحب السلام .. قلت: أرضي ..
   قالوا: في مدحك نزود ..
   قلت: يفداها الحسود  ..
   ما على هالأرض .. أرض مثل أرضي.


تجتاحني نحو وطني مشاعر حب وعشق جياشه، كأمواج تتلاطم بين أضلعي وتستوطن حنايا قلبي، وتخالط دمي وتسري في عروقي.
فحبي لوطني مبدأ وغاية، لا وسيلة لبلوغ غاية.!
حبي لوطني ولاء وانتماء، متجذر في النفس وضارب بأطنابه في ثنايا الروح.
وإرث عظيم ورثته عن الأباء والأجداد ولايمكن التفريط به بأي شكل من الأشكال.

 ذلك مايشعر به كل مواطن سعودي اليوم، ونحن نرى بلادنا فريدة عصرها، وسيدة زمانها، بحيث أصبحت قوة عظمى لايضاهيها أو يجاريها وطن على وجه البسيطة، 
فهاهي السعودية العظمى وأقولها بكل فخر وعزة
‏ تضرب أروع الأمثلة وتتفوق على الدول المتقدمة، في فن إدارة الأزمات وسرعة اتخاذ القرارات وتنفيذها بوقت قياسي وبشكل محترف، مما أثبت أن السعودية مدرسة إدارية متكاملة تتمتع بكافة المزايا والمقومات.
فبتوجيه مباشر ودعم لامحدود من قيادتنا الحكيمة، بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي العهد القوي الأمين محمد بن سلمان، حفظهم الله وأيدهم بنصره وتوفيقه.
واجهت بلادنا (فايروس كورونا) بكل قوة وحزم، وبذلت الغالي والنفيس وذللت جميع الصعاب واتخذت كل التدابير التي من شأنها حماية أرواح المواطنين والمقيمين على ثراها الطاهر.

‫فبلا مبالغة‬⁩ اثبتت السعودية تفوقها على دول العالم، بقوة النظم ‫الصحية‬⁩ ‏وتسخير الموارد المالية، وحرفية الكوادر البشرية الوطنية.
وقوة البنية التحتية والقيادية والإدارية
كما تفوقت إنسانياً فجعلت سلامة الإنسان همها الأول وهدفها الأسمى، في الوقت الذي يدعو فيه بعض روساء الدول العظمى شعوبهم لعزل انفسهم في منازلهم والأهتمام بصحتهم بمفردهم لتخفيف العبء على الدولة.!

وقد أثبتت بلادي للعالم أجمع، بحزمة الإجراءات الوقائية التي اتخذتها، للحد من انتشار هذا الفايروس الخطير، أنها بلد عظيم في سرعة إدارة الأزمات، وتناغم الوزارات والهيئات، المدنية والعسكرية.
‏حيث تفوقت على دول العالم الأول بسرعة القرار وإحترافية العمل.

فباتخاذها لقراراتها الاحترازية العاجلة رغم حساسيتها، وماقد ينجم عنها من ردود أفعال غير متوقعة، وسرعة تنفيذها دون تردد.
ساعدت على احتواء الأضرار،  وحالت بعد مشيئة الله دون توسع وانتشار المرض، متحملة بذلك تكاليف باهظة لاتستطيع كبريات الدول تحملها.

فقامت بعزل القطيف دخولاً وخروجاً، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها.)
منعت العمرة والزيارة رغم حساسية الأمر وصعوبته، حفاظاً على أرواح مواطنيها وأرواح المسلمين عامة.
منتهجة بذلك النهج الإلهي والنبوي في الحفاظ على النفس البشرية، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول:(ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك..)
اغلقت الحدود و أوقفت الرحلات الدولية.
بالرغم من الخسائر الباهظة التي تكبدتها نتيجة ذلك.
علقت الدراسة وقامت بتوفير ٢٠ قناة بث تلفزيوني، ووفرت عدة منصات الكترونية تعليمية مجانية، تتيح لطلاب التعليم العام متابعة دراستهم عن بعد بكل سهولة ويسر اثناء فترة تعليق الدراسة.
خصصت مركز اتصال الصحة ٩٣٧ للعمل على مدار ٢٤ ساعة لتوجيه المواطنين والإجابة على جميع الاستفسارات.

ثم تدرجت في اتخاذ عدد من القرارات بمهنية وحزم، فاستمر العمل بتوازن فلم تتوقف العجلة ولم تتاثر حياة الناس، ولم يتم ترويعهم بفقد أحبتهم كما فعل رئيس وزراء بريطانيا العظمى.!
وبهذه القرارات المتسلسلة، والخطوات الجبارة، التي لايقدم عليها إلا الملوك العظماء، والقادة الأقوياء.!
أعطت المملكة العربية السعودية دروس تاريخية على مر الزمان في السيطرة على الأوبئة والتعامل مع الأزمات.
 وهذا ما أشاد به العالم كافة، وليمت من يرى ويريد خلاف ذلك بغيضه، ولتبقى السعودية العظمى شامخة على كل الأصعدة تحت ظل قيادتها الرشيدة.

ولقد اثبتت دولتنا حفظها الله، بإن المواطن أولى أولوياتها وأغلى مقدراتها، بما اتخذته من قرارات جبارة تصب جميعها في مصلحته.
ونشهدالله بإن بلادنا الغالية بقيادتها الحكيمة، وكافة وزاراتها المعنية بكوادره الوطنية المخلصة، قد أدت الأمانة الملقاة على عاتقها، وقدمت مصلحة المواطن وصحته وحياته على ماسواها، مما كلفها جهود مضنية وأموال طائلة، فجزاهم الله عن الوطن والمواطن كل خير.

أبناء شعبنا الأفاضل لنتذكر دائماً وأبداً بأننا نعيش في هذه البلاد المباركة، تحت راية الإسلام الخالدة، التي تحتم علينا وتلزمنا بطاعة ولي الأمر قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) 
 وولاة أمرنا وبلادنا اليوم تراهن علينا نحن أفراد الشعب فهل ياترى سنعي مسوليتنا تجاه وطننا ونكون عند حسن ظن دولتنا ونكسب الرهان.؟
نعم اليوم يومكم أيها الشعب السعودي العظيم، فكلها أيام معدودة وأزمة عابرة بحول الله وقوته "فالأمراض تظهر ثم تعبر وتحل ثم ترحل فبشروا واستبشروا وبغدٍ أجمل تفاءلوا."
 وليقف الجميع صفاً واحداً ويداً بيد، لتنفيذ التوجيهات والإلتزام بها.
فعلينا أن نلزم بيوتنا هذه الفترة حفاظاً على صحتنا وصحة الجميع،
نحث أولادنا على متابعة دراستهم والإستفادة مما قدمته الدولة لهم من خدمات هائلة، متفائلين بقرب فرج الله.
مبتعدين عن الغوغائية والفوضى، بعدم بث الشائعات التي تثير الذعر بين الناس، ولنتصدى لكل مامن شأنه المساس بأمن الوطن واستقراره، ولننشر التفاؤل والفأل الحسن في أرجاء الوطن الغالي.
وليكن شغلنا الشاغل العمل على الخروج من هذه الازمة بأقل الخسائر، وعقد النية والسعي إلى تعويض كل ذلك مستقبلاً بمشيئة الله تعالى، كل منا في مجاله فكلنا اليوم جنود في خندق الوطن الحبيب.

‏شكراً للوطن الغالي
‏شكراً للقيادة القوية الأمينة
‏شكراً لجميع منسوبي وزارة الصحة كلنا فخر  بكم فأنتم جنود على ثغر من ثغور الوطن حماكم الله وسددكم.
‏شكراً لجميع القطاعات العسكرية والمدينة
‏شكراً لكل مواطن واعٍ كان على قدر تحمل المسؤولية.
‏ليعلم الجميع أن هناك عيون تسهر لننام مطمئنين فلا تنسوهم من دعائكم، ولاتخذلوهم بعدم الإلتزام بتوجيهاتهم،
ولنثبت للدنيا بأننا نعشق بلادنا الغالية (المملكة العربية السعودية) ونفديها بأرواحنا، ونحب ولاة أمرنا حفظهم الله ورعاهم وندين لهم بالولاء والسمع والطاعة.

الأربعاء، 4 مارس 2020

وعاد الملاك إلى موطنه

وعاد الملاك إلى موطنه

بقلم: سارة العمري


ودعنا الكثير من الراحلين خلال مشوار حياتنا، وكثيراً ما مررنا بشتى أنواع المواقف والأحداث المؤلمة.
لكن هناك أحزانا لم يمر يوم الا وتذكرناها، ولا مناسبة سعيدة أو حزينة الا واجتررنا مرارتها، وتجرعنا حرقتها.!
هناك أحداث دوناها في تاريخ حياتنا بدم قلوبنا ودموع أعيننا، وما كنا نتخيل يوماً أن نمسك بأقلامنا لنخطها ونكتبها ونعبر عنها.

تلك الأحداث هزت دنيانا وبعثرت كياننا وغيرت حياتنا، جعلت قلوبنا ذائبة ومدامعنا سائلة.

وها هي الأحزان والأحداث كلما كاد أن يطوي الزمن صفحتها وكلما أوشكت أن تنطلق لترتمي في أحضان النسيان، هناك حيث ينتهي ويدفن كل شيء؛ سرعان ما يفجعنا القدر بحدث حزين وفقد أليم، فيسرق منا حبيب جديد ويسير به إلى حيث سار الأحبة السابقين.!

‏        هي الأمور كما شاهدتها دولٌ
‏         من سره زمن ساءته أزمانُ

       وهذه الدار لاتُبقي على أحدٍ
        ولايدوم على حالٍ لها شانُ

       فجائعُ الدهر أنواع منوعةٌ
         وللزمان مسراتٌ وأحزانُ.

 قبل أيام ودعنا فقيدتنا الغالية وأختنا الحبيبة " أم مرام " رحمها الله وتغمدها بواسع رحمته.
فارقتنا بلا موعد ودون سابق إنذار، رحلت بلا وداع، فكان رحيلها خفيفا لطيفاً كما كانت حياتها، فلم تكلف أحداً حتى عناء الزيارة.!
قُطفت روحها الطاهرة كما يُقطف غصن ريحان شذي ( فروحٌ وريحان وجنة نعيم ).
وإن كانت فقيدتنا الغالية هادئة الحياة، إلا أن رحيلها خلف ضجيجا ملأ الدنيا وأذهل الناس.!
حيث حزنت لرحيلها النفوس ودمعت لفراقها العيون وتفطرت عند وداعها القلوب، وتركت لنا العبرات في كل صدر أحبها، وكل يدٍ صافحتها، وكل عين التقت بها.

كيف لا وهي تلك "الملاك الطاهر" الذي قل أشباهه وندر أمثاله، نذرت حياتها لإسعاد أهل زوجها الذي هو وحيد والديه، فضربت أروع أنواع الإيثار والبر، صارت لهم البنت البارة التي لم ينجبوها، وأصبحت أشد حباً وعطفاً وحناناً وبراً بهم من البنت بوالديها.
بادلوها حباً بحب وشعروا أنها وهبتهم الحياة بجميع ألوانها الزاهية ومباهجها السارة. 
شهد لها القريب والبعيد، وسُطرت سيرتها العطرة بأحرف من نور، فلهجت الألسن في عزائها بأروع كلمات الثناء والذكر الحسن، وفاضت القلوب بصادق الدعوات.
فهاهي أم زوجها المرأة الصالحة الخيرة الورعة، تبكيها بحرقة وترثيها بحسرة، تذكر محاسنها الجمة، فتدعو لها بكل خير مكررة دعوة جميلة تفصح عن حب كبير وعرفاناً بالجميل: "اللهم إني راضية عنها فارض عنها" .

  قذىً بعينك أم بالعين عوارُ
أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدارُ

"أم مرام" غادرت دنيانا الغابرة وعادت إلى موطنها الحقيقي، وقد عاشت بيننا ملاك على هيئة بشر.!
عاشت حياتها حمامة سلام، ترفرف بجناحيها لتنشر الحب والتسامح بين الناس، مترفعة عن الأحقاد والضغائن، صامتة عن اللغو والطعن والشتائم.
لم تؤذ أحداً قط، فرحلت خفيفة الحمل لا لها ولا عليها، وقد حوت روحها قلباً ذهبياً، وسخاءً ربيعياً، حتى ضربت بجذورها في أعماق القلوب، وأصبحت شجرة طيبة تغدق بثمارها الرطبة الجنية حيثما سارت، وغيمة بيضاء نقية تسقي بغيثها أينما حلت.

حادثتها قبل شهر تقريباً، فرحبت وأسهبت في الترحيب، حتى أحسست وكأن موجات الأثير تردد ترحيبها.!
حدثتني بألطف العبارات وأرقها، ثم ودعتها ولم أعلم بأنه الوداع الأخير.!
أجزلت لي الشكر وبالغت في الإمتنان حتى أخجلتني وأشعرتني بأنني حزت لها الدنيا بأكملها. 
 رحم الله تلك الروح الراقية الزكية.

ذهبت لتأدية واجب العزاء بها غفرالله لها مع إحدى قريباتي، و في الطريق قلت لها: ألا ترين أن الموت ينتزع الأخيار من بيننا إنتزاعا.؟
ردت عليّ: بل إن الله يصطفيهم كي ينجيهم من الفتن المتلاطمة التي يموج بها عالمنا اليوم.!
فاطمأنت نفسي وتمتمت قائلة: نعم مثلك أيتها الفقيدة الحبيبة لا يموت أبدا، بل يستمر ويبقى في ابتسامات أولئك الذين أدخلتِ السعادة إلى نفوسهم، وفي قلوب من أسرتهم بلطفك فغمروك بحبهم، وفي أحاديث من عاشروك فطابت بفضائلك مجالسهم. مثلك يستمر دوما في دعواتنا وصلواتنا وابتهالاتنا.
ويبقى عزاؤنا في أن مثلك لا يودع الحياة إلا إلى حياة أبهى وأجمل وأبقى..
 ( في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر ) بمشيئة الله وفضله.

وختاماً نتضرع لله تعالى تيمناً بقوله صلى الله عليه وسلم: (أنتم شهداء الله في أرضه)، ونشهد للفقيدة رحمها الله بحُسن الخلق وطيب المعشر ولطف الحديث، وجميل الأفعال وسخاء العطاء، والتعامل الحسن، ودوام التبسم.

اللهم إنا نحبها فيك ونشهد لها بالخير وأنت بها اعلم منا، فارحمها برحمتك وتقبلها بقبولٍ حسن وأدخلها مُدخلًا حسنًا وأكرم مثواها، برحمتك يا أرحم الراحمين. 
اللهم أجبر أبنائها وبناتها ووالديها وزوجها ووالديه وكل من إفتقدها، جبراً يليق بك يا جبار، وأربط على قلوبهم وأجرهم في مصيبتهم وأخلفهم خيراً منها ياكريم.

(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)


x

الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

في الذكرى الأولى ل"نيوم" الجدّ وحفيد الجدّ .. بين ذهبين

   في الذكرى الأولى ل"نيوم"
  الجدّ وحفيد الجدّ .. بين ذهبين

   بقلم: سارة العمري


"دائما ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تُبنى على مكامن القوة. ونحن نثق ونعرف أن الله سبحانه حبانا وطناً مباركاً هو أثمن من البترول". 
محمد بن سلمان 

أثناء متابعتي لفعاليات منتدى " دافوس الصحراء٢" واسترجاعي لتاريخ انطلاق رؤية الخير 2030 ، والتي انطلقت قبل عامين بالكلمات الآنفة لسمو ولي العهد. 
عادت بي الذاكرة لتاريخ بلادي العظيم، فتذكرت ذلك اليوم المشهود قبل أكثر من ثمانين عام، عندما بدأت قصة اكتشاف النفط "الذهب الأسود" في المملكة العربية السعودية، وقتما وقّع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، في 29 مايو عام 1933م، اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط  بين حكومة المملكة والشركات الأمريكية.

من هناك بدأت قصة النهضة الأولى بتوفيق من الله أولاً، ثم بفضل الرؤية الثاقبة والحكيمة للملك المؤسس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

وقتها شكّل اكتشاف النفط نقطة تحوّل كبرى في تاريخ المملكة، فلم تكن تلك النقلة الكبرى للمملكة من العوز والفقر وانعدام الموارد، إلى التنمية والحداثة والمشاريع العملاقة تلقائية، ولم تتم بسهولة، ولكن كانت هناك رؤية تنموية، ورغبة صادقة في أن يكون هذا الكنز الذي استخرج من باطن الأرض وسيلة لتعويض أبناء هذه البلاد المباركة عن شظف العيش والفقر والفاقة، وتوفير الحياة الكريمة لهم.

هذه الرؤية التي حملها المغفور له بمشيئة الله تعالى جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيّب الله ثراه، 
كانت تلك بداية النقلة الحضارية والاقتصادية والاجتماعية التي واكبت اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية.

وبما أن التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، فإن هناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول قد تتشابه مع ما قبلها أو ما بعدها، وقد لا تتشابه.!

هآ نحن اليوم، وبعد أكثر من ثمانين عاماً من هذه الرؤية المباركة؛ نرى التاريخ يعيد نفسه، وبنفس النظرة الثاقبة، ومن المصدر نفسه من كنوز أرضنا المباركة، عندما أطلق صاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن سلمان ال سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية رؤية السعودية 2030، والتي تمّ الإعلان عنها في 25 إبريل 2016، والتي تقوم على إيجاد مصادر دخل بديلة عن النفط المصدر غير الدائم الذي سينضب خلال سنوات معدودات، محددا رؤيته الثاقبة عبر ما قاله في كلمته وقتها:

"بلادنا فيها الحرمان الشريفان، أطهر بقاع الأرض، وقبلة أكثر من مليار مسلم، وهذا هو عمقنا العربي والإسلامي وهو عامل نجاحنا الأول. 
كما أن بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وسنسعى إلى أن تكون محركا لاقتصادنا ومورداً إضافيا لبلادنا وهذا هو عامل نجاحنا الثاني.
ولوطننا موقع جغرافي استراتيجي، فالمملكة العربية السعودية هي أهم بوابة للعالم بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث، وتحيط بها أكثر المعابر المائية أهمية، وهذا هو عامل نجاحنا الثالث". 
محمد بن سلمان

قال سموه بأن أرضنا تزخر بالموارد الطبيعية الغنية التي ستدر على بلادنا الخير الوفير،  فأطلق رؤيته المباركة بمشاريع ضخمة ستحوّل "الرمال الصفراء" إلى ذهب،  لأن الاستثمار في الأراضي الخام "الذهب الأصفر" لا يقل أهمية عن الاستثمار في النفط الخام "الذهب الأسود" .!

ونحن نمتلك منها الكثير ولله الحمد، وفي مواقع جغرافية استراتيجية كما ذكر سمو ولي العهد حفظه الله، عند اطلاق رؤيته ، 
كموقع مشروع "نيوم"  العملاق، الذي يمتاز بإطلالته على ساحل البحر الأحمر، والذي يعد الشريان الاقتصادي الأبرز، فالبحر الأحمر  تمر عبره قرابة 10 في المئة من حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى أن الموقع يعدّ محوراً يربط القارات الثلاث؛ آسيا وأوروبا وأفريقيا. 
وكما قال الباحثون فإن 70% من سكان العالم يمكنهم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى.! 

على هذه البقعة الفارهة من الأرض سيقام مشروع " نيوم " العملاق والذي سيكون بمثابة بئر "الدمام" بئر "الخير" كما أسماها الملك عبدالله رحمه الله، والتي كانت بفضل الله النواة الأولى لما نعيشه اليوم من ازدهار وتطور ورغد عيش ولله الحمد والمنّة.

مشروع "نيوم" سيكون هو النواة التي ستنطلق منها الثروة الحديثة والمستقبلية لبناء "السعودية العظمى"، وسيجعل من المملكة وجهة للمستثمرين من جميع أنحاء العالم للدخول في مشاريع متنوعة سياحية واستثمارية وتنموية تنقل الوطن إلى مصاف دول العالم الأول، وتعود عليه بالازدهار والرخاء وعلى المواطن بالدخل العالي والرفاهية.

وهذا ما أوجع أعداء الوطن، ومحاربي النجاح من حولنا، وأثار حفيظتهم ، مما جعلهم يحيكون ضدنا أقذر المؤامرات، ويشنون علينا أشرس الحملات، فالصياح يكون على قدر الوجع.!

ستبقى السعودية مستمدة لقوتها من الله تعالى ثم من التماسك الداخلي، واللحمة الوطنية التي تقف سداً منيعاً في وجه كل حاقد ومتأمر .
وأثبتت الأحداث عبر التاريخ إن اتحاد هذا الشعب الوفي الأبي تحت راية ولاة أمره حفظهم الله وأيدهم بنصره، هو صمام الأمان لهذه البلاد الطاهرة.
وليمت الأعداء حسدا وغيظا وقهرا،فالسعودية ستبقى سماء صافية لايكدرها نعيق الحاقدين، ولاصياح المرجفين، وستظل شامخة، منارة للهُدى، نبراساً للعدل.

        وختاماً نتسآءل مع مراسل الحزم محمد العرب: 
        " نحنُ هنا أين أنتم؟!"