البحر أمامهم والموت خلفهم
بقلم : سارة العمري
شاهدت
ليلة البارحة كما شاهد الملايين غيري، صورة الطفل السوري ابن الثلاثة
أعوام، وهو مسجى على شاطئ البحر، وقد قضى غرقاً بعدما فرت به عائلته من جور
وظلم الطاغية بشار، فتلقاهم البحر بغدره وابتلعهم بأمواجه الهائجة.
فاصبحوا "كالمستجير من الرمضاء بالنار".
ذهبتُ
بعدها للنوم، ولكن صورة ذلك الطفل لم تغادر مخيلتي، أغمضت عينيّ فرأيته
أمامي، ففتحتهما فلم تفارق صورته خيالي، وكأنني أسمع صوته في أذني وهو وسط
الأمواج يقول:
ستبحر الروح بين الموج هائمة
تحط في شاطئ الأحلام مرساتي
لكن مجدافي المكسور يخذلني
واليم يأخذني في موجه العاتي
يضمني البحر في عينيه يسألني
هدير أمواجه عن لون مأساتي
وجدت يابحر ألآمي تؤرقني
وتعكس اليأس في أحداق مرآتي
وتزدريني جراح العمر في ألمٍ
لترسم الحزن في أعماق لوحاتي
فإن تلاشت بليل الحزن أغنيتي
فسوف تبعثها في الكون أبياتي.
كأنني بذلك الطفل وهو يلتفت حوله، وينظر لعالمنا المتلاطم الأمواج، كذلك البحر الذي ابتلعه دون رحمة أو شفقة، فلم
يجد إلا ظلمات فوقها ظلمات، فلم تعد الأنوار والمصابيح تجدي شيئاً بعدما
أنطفأت شمس البراءة، بغرق طفولته في مهدها، وإزهاق نفسه البريئة التي لاذنب
لها.
دمعة ألم وحرقةٌ وانكسار في عينيه، أحساس بجرح غائر في صدره، ألف علامة تعجب تدور في رأسه !!!!!!
ِلمَ تُغتال طفولتي وتنتهك البراءة و تزول الرحمة من قلوبكم أيها العالم ؟
ماذا جنيت كي أشرد في القفار، وأهيم على وجهي في غياهب البحار.؟!
لقد
قضى الطغاة على كل شيء جميل في عالمي، فحولوه إلى جحيم لايطاق، وتفننوا
بقتل الفرحة في قلوبنا فمحوا من وجوهنا الإبتسامة، وجعلوا من دموعنا بحوراً
أغرقتنا، قبل أن نغرق في هذه الأمواج العاتية .!
ألا
يعلم هولاء القتلة بأن الأطفال هم زهور الحياة وزينتها، من يقطفهم كمن قطف
كل زهور الأرض وحرم الدنيا من رياحينها والقلوب من بهجتها.؟
ألا يدرك هذا الطاغية أن الكرسي الذي يجلس عليه فخوراً متبختراً، أصبح ملوثاً بدم الآف الأطفال، الذين ذهبوا ضحية تسلطه واجرامه.؟
الا
تعيرون للطفولة احترامها يا من تغتالونها، فتدعونها تنعم بالأمن والسلام،
والعطف والحنان، فتعيش عالمها الوردي بعيداً عن كل خوف ونائية عن كل صراع.؟
سُحقاً
لعالم يعطي للحيوان حقوقه، ويحفظ للنبات بيئته، ويحافظ على الجماد ويخلد
تاريخه، ولايراعي للطفل أي حق، فهو يُذبح في كل مكان على مرأى ومسمع من
العالم أجمع ولابواكي له.
فنزيف
الدم لايزال مستمراً، وبراميل الموت كل يوم في مزيد، الأطفال والنساء
والشيوخ يذبحون ويشردون، فلم يتعب الجزار، ولم يخرج الصامتون عن صمتهم، ولم
يستيقظ النائمون من سباتهم.!
فأي قلوب تلك التي لاتتفطر أمام اغتيال البراءة والطفولة، ولاتشفق لأنفس تزهق صباح مساء ليس لها قوة ولا حيلة؟!
لاشك أنها قلوب كالحجارة، أو أشدُ قسوة..!
ردحذفاخبار سيارات
سعودي اوتو
thank you
ردحذفسعودي اوتو
ردحذفthx
شركة نقل عفش بالرياض