الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

مدينة افلاطون و"خرخرة" المشروعات!!

مدينة افلاطون و"خرخرة" المشروعات!!
          

بقلم: سارة العمري
كاتبة سعودية




( والله لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها، لمَ لمْ تمهد لها الطريق ياعمر )!

خرجت مساء يوم السبت الماضي، بصحبة أولادي لقضاء بعض حاجيات البيت، في شمال الرياض، وبطريقنا دخلنا أحد المطاعم وقت صلاة العشاء، والجو صحو تماماً، وخرجنا بعد ساعة واحدة، وإذا بالشوارع قد تحولت إلى برك ماء كبيرة وبحيرات.

هلعنا وأبنائي، إذ كانت السيارة التي نركبها تسير على بحر المياه، ولولا لطف الله ثم معرفة السائق الجيدة بالشوارع والطرقات داخل الأحياء لحصلت كارثة، فجميع الشوارع اللتي مررنا بها من شمال الرياض إلى شرقه، كانت وبلا إستثناء تطفح بالمياه، والسيارات عالقة، والناس قد بلغت قلوبهم الحناجر، من الخوف والرعب.

ابني الصغير كان يسألني: "ماما"متى نوصل البيت؟

كنت أجيبه إجابة أم والهة مشفقة: خلاص "حبيبي قربنا"
فيرد عليّ :كيف تعرفين إنا قربنا وحنا مانشوف شيء الا المويه؟!!

نجونا بفضل الله بعد ساعتين من الزحف مرة، والسباحة مرة، وركوب الأرصفة مراراً، ولكن غيرنا لم ينجو، فهناك من بقي عالقاً حتى اليوم الثاني، وهناك من لازال مفقوداً حتى الساعة.

فقد أعلنت الإدارة العامة للدفاع المدني بالرياض، إن عدد "البلاغات" التي تلقتها الإدارة خلال الفترة الماضية، في منطقة الرياض، بلغت 4766 بلاغاً.
 وأوضحت "الإدارة": أن "البلاغات" شملت إنقاذ " 121 "شخصاً، منهم ثماني عائلات، ورفع 413 مركبة جرفتها السيول.
وعدد المفقودين حتى الأن  " ٧ " وأعلن عن حالة وفاة واحدة.

هذا والأمطار لم تستمر سوى ساعتين.!!

أنتظر الأيام المقبلة ويدي على قلبي، كيف سيكون الحال، وكم ستكون الخسائر؟

كم من بيت أقتحمته المياه، بسب المخططات التي وضعت في الأودية ومجاري السيول، وكم من مبنى حكومي يعتبر من واجهات البلد ومعالمه تضرر، وفضحها الجنرال "مطر" كمطار الملك خالد، وجامعة الأميرة نورة التي كلفت المليارات !! ومستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز، الذي لم يمضي على إفتتاحه سوى عدة أشهر، و و وغيرها الكثير.

هنا نتسأل وبكل شفافية، فكم نسمع هذه الكلمة الفضفاضة، على ألسنة المسؤولين، والنتيجة : "خرخرة" المشاريع من كثرة شفافيتها !!

من المتسبب في هذا الفساد المستشري في جميع أجهزة الدولة؟

والذي لم يستثن منطقة من مناطق المملكة وعلى رأسها العاصمة الرياض؟

أين المليارات التي صرفت على هذه المشاريع، التي ظهرت بتلك الهشاشة لجميع مشاريع البنية التحتية، على طول البلد وعرضه؟

تعالوا معي نستعرض ميزانية أمانة منطقة الرياض فقط لهذا العام، لقد تجاوزت 6.5مليارات ريال، "سته ونصف مليااار ريال"!!

وقد صرح أمين منطقة الرياض، عبدالرحمن المقبل لإحدى الصحف بقوله: إن المشروعات التي تنفذها الأمانة حالياً، تشمل تنفيذ مشروعات كبرى لدرء أخطار السيول، وتصريف مياه الأمطار، في كافة أحياء مدينة الرياض بقيمة إجمالية لتلك المشروعات بلغت..؟ (1.976.426.615) ملياراً وتسعمئة، وستة وسبعين،وأربعمئة وستة وعشرين، وستمئة وخمسة عشر ألف ريال.!!

ياااإلهي لقد إنقطع نفسيّ وأنا أكتب المبلغ!!

ياترى وبكل شفافية..!! في بطن أي هامور سقط هذا المبلغ سهواً؟'

فلم نر له أي أثر على أرض الواقع، أم يكون قد سقط في إحدى الحفريات، والتهمته السيول، على حين غِرةً من الأمانة، عديمة الأمانة؟!

ونذكّر الأمانة، بإن تقرير رئاسة الأرصاد يقول: إن مستوى الأمطار التي هطلت على الرياض، تعد ضمن المستوى الطبيعي رغم غزارتها.
إذاً فأزمة التصريف، خلل إداري، وفساد مالي، وليس بسبب رحمة الباري.

لذلك نحن نحتاج إلى جانب حملة تصحيح  العمالة، حملة تصحيح تشمل المسؤولين الفاسدين، الذين نهبوا خيرات الوطن، وخانوا المواطن، وأضاعوا الأمانة.
ولكي لاتتحول الأمور الطبيعية المعتادة إلى كوارث تدميرية، يجب محاسبة ومعاقبة، المفرط والمتسبب في هذا الخراب بلا هوادة.

ومن أجمل ماقرأت من التعليقات على سيول الرياض قول أحدهم :
ماأدري أسكت والا أتهور وأقول: أن عندي حلا واحدا.. ولا هو من ضمن : الحلول: عدّلوا مجرى "الأوادم" يعتدل مجرى "السيول" !!

لقد مات افلاطون وهو ينتظر تحقيق حلمه، بالمدينة الافلاطونية الفاضلة..!

ولقد هرمنا..! ونحن نحلم بهذه المدينة، والتي يمكننا بناؤها لو طبقنا تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، فلو حافظ كل مسؤول على الأمانة والقسم الذي أقسمه أمام الله ثم أمام خلقه.

كما في قوله تعالى: ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون )، لوضع لبنة في جدار هذه المدينة.!

ولو تمت محاسبة الأمير قبل الفقير، والكبير قبل الصغير، وتعلمنا وعملنا بحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
( إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ , وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )،  
لأقمنا بذلك جدران المدينة!

ولوحققنا العدالة الإجتماعية كما فعل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقت المجاعة: حين كان يقول لبطنه ( قرقري أو لا تقرقري، لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين)،لأكتمل عندها بنيان المدينة.

 وقد عرف افلاطون العدالة التي هي أساس مدينته الحلم، بأنها "تعاون كل أجزاء المجتمع تعاوناً متوازناً فيه الخير للكل".

إذاً فالمدينة الفاضلة التي نحلم بها، أساسها الإنسان نفسه، سواء كان مسؤولاً أو موظفاً، عاملاً أو مراجعاً، كبيراً أم صغيراً، رجلاً أو امرأة، مواطناً أو مقيماً.

متى سنعيش في المدينة الفاضلة بشخوصها الأفاضل؟!
 ألم يحن الوقت لتحقيق الحلم الافلاطوني المنتظر؟!

 أم إن علتنا ستبقى كما قال يوسف السباعي: تلك هي العلة في هذا البلد، أن الذي يحس بالمصاب لا يملك منعه، والذي يملك منعه لا يكاد يحس به !!

السبت، 2 نوفمبر 2013

" قضية حميدان التركي " بين طابور الغرب الخامس وشرفاء الوطن

" قضية حميدان التركي "
بين طابور الغرب الخامس وشرفاء الوطن

بقلم: سارة العمري
كاتبة سعودية


تابعت خلال الأسبوعين الماضيين، بكل إهتمام وترقب، محاكمة أخينا "حميدان التركي "، ومدى التفاعل والدعم، الذي حظيت به من أبناء وطني المخلصين، ولفت نظري، غياب أقلام الخفافيش، الذين يقتاتون على الفتن، ويعيشون في الظلام، أصحاب الشعارات البراقة، واللافتات الخداعة: الحرية- العدالة- حقوق الإنسان.

فلم أر منهم من أحدٍ ولم أسمع لهم ركزا.

أين ديناصورات الصحافة.؟أين زعيمات ٢٦اكتوبر عن٢٤ و- ٣١اكتوبر.؟

أين الغربان الناعقة، أين المتردية والنطيحة، عن ١نوفمبر.؟

أين دعاة الحرية، والمطالبين بالعدالة والحقوق الإنسانية.؟!

أين هم من قضية إنسانية، واضحة وضوح الشمس، ومن عدالة منتهكة، لإبن من أبناء الوطن.؟ وهم الذين لطالما شنفوا أسماعنا وتباكوا علينا بالوطنية، وعندما أتت الوطنية الحقة لابن من أبنائها انخذلوا ..خذلهم الله.

فلم نسمع أصواتهم، ولم نر نزف أقلامهم، ولا تنظيم حملاتهم وهاشتاقاتهم.!!

 ألهذه الدرجة كان ولاؤهم  لأمهم الرؤم، ضد إبن وطنهم المظلوم.؟!

تباً لتلك العقول العطنة، والقلوب الميتة، وهم الذين لا يعرفون معنى الأخوة الحقيقية التي شرحها لنا سيد البشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم..

( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى. )

أين حقوق الإنسان التي يتنطعون بها صباح مساء.؟

أم إن عقولهم تبرمجت على توافه الامور، وغفلت وأُغلقت عن عظائمها.؟!

وصدق المتنبي حين قال:

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ..

وتأتي على قدر الكرام المكارمُ.


وتعظمُ في عينِ الصغير صغارُها..

وتصغرُ في عينِ العظيم العظائمُ .

تباً لهولاء والله لأنصرن أخي في الإسلام والوطن، حتى لو تيقنت إدانته، ولا أسلمه لعدوي وعدوه، وعدو الإنسانية جمعا.

فكيف بمن كل الأدلة والشواهد تثبت براءته، وتلفيق التهمة له زوراً وبهتانا، ولنفترض إن تلك العقول الخاوية، ليست مقتنعة ببراءته، أليست عشر سنوات من السجن والغربة، والمعانة المؤلمة له ولأسرته، عقوبة كافية، بالنسبة لتهمته.؟

أليس من حقه علينا، أن نطالب اليوم بالإفراج عنه؟

فوالله لو كان كلبا امريكيا، في أحد السجون العربية، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولانعقدت لها الأمم المتحدة، وأدانها مجلس الأمن، وجمعيات حقوق الإنسان والحيوان، والنبات والجماد،!!

وضجوا علينا بالإفراج عنه، ومنحه الحرية وكامل حقوقه الإنسانية، والا إنسانية، وإلا أضحينا دولا إرهابية ومجتمعات تفرخ الارهاب..

يكفيك أيها المواطن السعودي حميدان التركي، أن الشرفاء في الوطن، بشيبه وشبابه، برجاله ونسائه وأطفاله، وقفوا صفاً واحداً، ونادوا  بصوت واحد، الحرية لحميدان التركي.!

 فلا يضيرك ولايحزنك تخاذل فئة قليلة، أجّرت عقولها، وباعت ولاءها، وقتلت ضمائرها، لن يضرك تخذيلهم وكيدهم ومكرهم.

( ‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏. )

ستعود قريبا بمشيئة الله تعالى، لوطن إجتمع وتوحد، حزن واشتكى وسهر لأجلك.

ولأم أنهكها الشوق لرؤيتك، ولزوجة إحترق قلبها لفراقك، ولأولاد ظمئت أفئدتهم الغضة لحنانك وعطفك.

وإن تكالب عليك مكرهم وكيدهم، ولم يخرجوك لاسمح الله، فلن يضيع لك حقاً، "فعند الله تجتمع الخصوم" وعندها (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

إن السجن ليس شر محضاً في كل الأحوال، فيوسف سُجن وخرج صاحباه، فقُتل أحدهما، وعمل الأخر خادماً!!

وبقي يوسف ليخرج ملكاً، فالمحن تحمل في ثناياها المنح.

كن ذا روحا تيميا، واهزأ بوجوهم: ما يفعل أعدائي بي، فسجني خلوة...

 وصبراً ال حميدان فلن يخيّب الله ظنكم، ولن يرد أكفكم، وأكف الملايين، التي إرتفعت خلال الأيام الماضية، لن يردها خائبة، فربنا كريم، وله في كل شيء حكمة، لعله يريد أن يرى مدى صبرنا، وقوة تماسكنا وتمسكنا بحقوقنا، ليمحصنا من الخذلان والتخاذل، الذي سيطر علينا دهور ودهور، فلنثبت جميعاً على هذا الموقف، وبتلك القوة وصدق الأخوة، التي رئناها وقت المحاكمة، وستفرج بإذن الله، فما ضاقت الافرجت، فأشتداد ظلمة الليل إذاناً بطلوع الفجر، وأشتداد الأزمات يبشر بقرب الفرج بحول الله وقوته.

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها..

فرجت وكنت أظنها لن تفرج.

 ،،،،،،،،

سيفتح الله باباً كنت تحسبه..

من شدة اليأس لم يخلق بمفتاح.


يا أبناء وطني الأوفياء، أروا الله من أنفسكم خيرا ، اثبتوا على موقفكم، ألحوا بالدعاء خلال هذه الشهرين، ولتضع كل أم نفسها مكان أم تركي الحميدان، فتستشعر حرقتها وحزنها وألمها، على فراقه، وكل زوجة مكان زوجته، فتستشعر شوقها وضعفها، وقلة حيلتها في غيابه، وكل أبن وبنت مكان أولادة، فيستشعرون حاجتهم وأشتياقهم لحنانه وعطفه ودفء أحضانه، وليستشعر كل أخ وأخت، كم هو مؤلم ومحزن، فراق الأخ، ووقوفهم عاجزين أمام سجانه.

فلنوحد الدعاء في العلن والخفاء ولنخلص النوايا لدفع الرزايا، ولنتعلق بأبواب السماء لدفع البلاء، ورد كيد الأعداء.

ما أعجب أمرك يا حميدان.!! ماذا قدمت لنفسك عند ربك..؟

فوالله ما أجتمعت هذه الملايين من فراغ، ولاجمعها الله على باطل.

 ثلاثة هاشتاقات في يوم واحد تصل للترند العالمي، والله لقد رأينا من أمرك عجبا، ولكن هكذا المظلوم، يسخر الله له جنود السموات والارض، ويُري ظالمه العجائب، حتى ولو أصر ذلك الظالم على ظلمه، فهو في قرارة نفسه يشعر بالقهر من هذا التسخير، وتلك المعجزات، وأكبر دليل  على ذلك، موقف المدعية العامة، وعنادها وتعنتها ومماطلتها، وقلبها القضية لقضية شخصية، وعنصرية مقيته، ضد الدين والوطن.

يا أيها المولهون بالغرب..المسبحون بقيمه، الناعقون بعدالته: ماذا أنتم قائلون لنا عن قضية حميدان وموقف غربكم الظالم؟