الاثنين، 13 مايو 2013

"نحن من نشهر هولاء النكرات ياسادة"

"نحن من نشهر هولاء النكرات ياسادة"
 
 
سارة العمري
كاتبة سعودية
 
 
 
 
بين الحين والأخر يظهر لنا بعض الشواذ،  الذين ساهم الإعلام بشكل أو بأخر في  إعلاء صيتهم ورفعهم لمستوى العالمية، مما شجع آخرين في السير على خطاهم لنيل الشهرة متناسين دينهم ووطنهم وأهليهم، منتهجين قاعدة: خالف تعرف .

 فقد خرجت لنا تلك العاقة التي ساهم في تحريضها والترويج لقضيتها زوجها المعروف بتوجهاته وأهدافه المشبوهة، فكرمت من قبل وزيرة خارجية أمريكا هيلاري كلنتون ، ليس لإنجاز عظيم ،أوإختراع غريب أو بحث علمي يفيد البشرية، وإنما ضمن أشجع ١٠ نساء في العالم  لتمردها على والدها أو كما يسميه البعض القمع الأبوي الجائر، والإنحلال من تلك القيود الإجتماعية البالية التي فرضها عليها المجتمع كما يرها البعض الأخر، ولكنها قبل كل ذلك خرجت على تعاليم دينها وأخلاقياته وثوابت مجتمعها، المسلم المحافظ ، ثم ما لبثنا أن ظهر لنا ذلك الشاب الغر الذي لم يسمع به من قبل ، فتعدى بكل جرأة ووقاحة على سيد الخلق بكلام تقشعر منه لأبدان ،وتأباه العقول ، والفطر السليمة . فتكلم الإعلام عنه ودافع من دافع، وأنتقد من أنتقد. فأشتهر وأصبح له أتباعا ومريدين ، بدلاً من أن ينفى ويمحى شخصه وأسمه، ويودع في المكان الطبيعي لأمثاله، ويترك عظة لمن أراد أن يتعظ.

 ثم مالبثنا إلا وأتتنا الطامة الكبرى من صاحبة قلم مشؤوم، سخرت قلمها للنيل من ديننا ، فأخذتها العزة بالإثم في هذه المرة فتعدت كل الحدود، وخرقت كل الأعراف وتطاولت على رب الارض والسماوات، بكلامٍ لم يقوله اليهود ولا النصارى، فكيف يقوله بني قومي وأتباع ديني ، فنالت ما نالته من الإنتشار ووقف معها في خندق القذارة زملاء لها في المهنة وأخوة لها في التوجه والإعتقاد من بني ليبرال ، الذين أستماتوا في الدفاع عنها والذود عن حياضها وهم أنفسهم الذين بالأمس القريب أمطروا بعض مشايخنا ودعاتنا بالشتائم والتجريح ليس لشيئ إلا لقولهم كلمة حق تبين أهدافهم و تكشف سوأتهم..

 ثم هاهي اليوم تلك التي أثارت قبل عدة أشهر بلبلة زمر لها من زمر وصفق ونعق من نعق عندما قامت بقيادة سيارتها ونشرت ذلك المقطع لغرض في نفسها وهو إثارة الفتنة ونيل الشهرة، والا إذا كان الهدف هو القيادة فلماذا التصوير والتشهير، وهي تعلم إن مصيرها المساءلة لا محالة ، لإختراقها ومخالتفها قوانين الدولة ، ولكن الهدف واضح إن وراءها مشروع ومخطط له توابع وبقية..

وهاهي اليوم تكرم في الإعلام الغربي في قائمة ال١٠٠ شخصية الأكثر تأثيرا في العالم، وإعلامنا هو من أوصلها إلى هناك شاء من شاء وأبى من أبى، وهاهي اليوم تخرج لنا من على منبر عالمي يدّعي الحرية، فتنتقد دينها ،ومجتمعها ، وقيمها ، وتصور المجتمع السعودي على إنه مجتمع متخلف ومنغلق على نفسه،  وتضرب أمثلة بحادثة إجرامية قام بها أحد الشواذ أمثالها فلكل عصر شواذ، وقد تضرر من هذه الحادثة المجتمع بأكمله، ثم بدلاً من أن تدافع عن دينها ووطنها أخذت تكيل التهم بأن هذه البلاد ترسل للعالم من يحرض على الكراهية وأن دينها الذي هو دين السلام هو المسؤول عن أحداث ١١ سبتمبر التي تبرأنا منها جميعاً ،وديننا منها برئ برأة الذئب من دم يوسف ! ثم قالت بأن حياة المرأة السعودية غير طبيعية، وإنها أنبهرت بحياة الغرب عندما عاشت بينهم، وكالت التهم الباطلة ونصبت نفسها متحدثة بإسم  نساء هذه الارض الطاهرة، ومطالبة بحقوقهن. ولكننا نقول لها:  إن  أعجبتك حياة الغرب فأذهبي بلا رجعة فعيشي بينهم، فنحن لايشرفنا أمثالك، ولا نريد أن تتحدثي نيابةًً عنا،ولا أن تطالبي بحقوقنا وحرياتنا .

منبرك - هذه-  الذي أنت عليه اليوم مجرد دمية  لا قيمة لها لا يهمنا!! فديننا ووطنا كفل لنا جميع الحقوق والحريات  في حدود الاخلاق والقيم الانسانية، والكرامة والعزة الأسلامية، ونقول لك بأن وطنك الذي أنتي ناقمة عليه هو ذات الوطن الذي أتاح لك الدراسة في أفضل المدارس والجامعات ،ولم يحجر عليك في إختيار التخصص الذي تريدين ومنحك أفضل الوظائف ،وأعلى المرتبات دون منةًً أو قيد أو شرط ، حتى وصلت إلى ماوصلت  إليه اليوم.

أُعلمه الرماية كل يومٍ ،،، فلما أشتد ساعده رماني،،،

وكم علمته نظم القوافي،،، فلما قال قافيةً هجاني. 

وعودا على بدء فإن اللوم كل اللوم علينا نحن المحتسبين فضلا عن إعلامنا الذي شهر هؤلاء النكرات وجعل منهم أعلاماً وناشطين وناشطات والغرب لهم بالمرصاد، يلتقط كل ساقط وساقطة ليس لسواد أعينهم ولكن ليضربنا بأبنائنا، ويكون هولاء أداة هدم لمجتمعهم المسلم المتماسك ، فهم أدوات بأيديهم يقلبونهم كيف شاؤوا، فلنتنبه لذلك ونرخص هؤلاء بالاقصاء والتهميش، فلا تقوم لهم بعد اليوم في إعلامنا قائمة، فمثل هؤلاء مكانهم في مزابلنا ، وليس في صدور جرائدنا ،و صدارة ما يبثه إعلامنا فهم حرب علينا سلم على أعدائنا فهلا قطعنا الطريق عليهم فلا ننشر لهم خبراً ، ولانذكر لهم أسماً، أم إن عمالقة الصحافة ورواد الإعلام في بلادنا هم عرّابيهم ؟!

مؤسف أننا نحن من نشهر هؤلاء بدعوى الحسبة..فانتبهوا أيها الفضلاء!!

" ليبكِ عليك القلب"

" ليبكِ عليك القلب"

سارة العمري
كاتبة سعودية


لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ،،،وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما.

وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها،،،كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا.

تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي،،،غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما.

آه يا رمضان كم تثير في داخلي من أشجان، وتذكرني به من أحزان.

فقد كان لي فيك مع الحزن موعد، ومع الألم صحبة، ومع اليتم رُفقة، و مع الفراق قصة وأي قصة.
ففيك فقدت أمي، فأي طعم للحياة دونك "أمي" مرت ثلاثة أعوام ولازالت مرارة فقدك علقما أتجرعه صباح مساء.

 فقد رحلتي وتركتني وطنا خلى من ساكنيه، وجسدا فارقته روحه، وقلب توقف نبضه، ووجها هجرته إبتسامته،

ماتت "أمي" فماتت السعادة في أسمى معانيها، ومات العالم كله من حولي، إنطفئ النور الذي كان يضيئ لي حياتي، وجف النبع الصافي الذي يروي جفاف مشاعري،

ماتت من جنتي تحت قدميها، ومن إذا ضاقت بي الدنيا أرتميت بين يديها.
سكت الصوت الذي كان يترنم بالدعوات، أرتحلت الرحمة والعطف ودفئ الهمسات.
 توقف القلب الذي لا يعرف الا الحب والعفو والتسامح دون حساب أوإنتقام.
غاب الوجه الذي كنت أرى فيه سهولة كل صعب ويسر كل عسير. 
سكنت الأنفاس التي تبعث في نفسي الأمن والأمان.
أغلق أحد أبواب الجنان.

ذهبت من كانت بلسم الجروح وغذاء الروح، 
من خلقها الله من رحمته فلا يغيرها كدر، ولا يبدلها عقوق،
صعدت تلك الروح الطاهرة إلى ربها،

وتركتني منكبة أبكي على قدميها، وأنا أنظر إلى أخي لعله يقول غفوة أو إغماءة بعدها صحوة، لكنه أجابني بدمعة حارة وكلمة أخترقت قلبي ومزقت روحي ترحمي عليها وأسترجعي.
رحمك الله يا "أمي"

لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ إِنَّنِي،،، أرى القلبَ 
أوفى بالعهودِ وَ أكرما.

 فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ،،،وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا.

عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ،،،إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا.

الأحد، 12 مايو 2013

فكيف إذا كان الراحل أبي؟!

بإسم المجموعة البريدية ، نتقدم للزميلة سارة العمري، بوافر تعازينا في وفاة والدها يرحمه الله، نسأل الله له الفردوس الأعلى ، وأن يأجرها على مصابها.. عبدالعزيز قاسم


       فكيف إذا كان الراحل أبي؟!

سارة العمري
كاتبة سعودية

( هناك فراغات يتركها الراحلون، فراغات لا يمكن أن يملأها شخص آخر، فكيف إذا كان الراحل أبي؟!)
بين عشية وضحاها يختفي من حياتك، من كان سبباً في وجودك بالدنيا، يختفي ويترك خلفه آلاف الذكريات، التي حفرت في عقلك وقلبك، تتوهج وتومض بين حنايا النفس تلك الذكريات، تلذعنا بسوط  من الألم المضّني، لأننا نبحث عنه، ولا طريق أبدا إليه..فقد غادر دنيانا للأبد..
الأكثر ألما، أنه اختفى فجأة دون سابق إنذار، وهذا دأب الموت دائماً، يأتي على حين غفلة ولا يفرق بين كبير أو صغير!!
في ذلك اليوم الفاجع -الذي ظننت أن شمسه لم تشرق لتعلقي به- وقبل أسبوعين، جاءني خبر وفاة والدي يرحمه الله، أظلمت الدنيا، واسوّد الكون كله أمامي، ولم أع أبدا ولم أتقبل تلك الحقيقة.. غبت عن حاضري، وغامت الدنيا وأنا أتوجه نحو المستشفى، لا شيء يميزني سوى خطوات ثقيلة، وانهمار دموعي ..
أتيت المستشفى، لألقي عليه نظرة الوداع الأخيرة، وياله من موقف مهيب، ويا لها من لحظة تجعل رأس الطفل يشيب، وتوقد في القلب اللهيب.. اقتربت منه، وقمت بطبع قبلة على جبين والدي الحبيب، ولا أدري ، إلا بشريط يمرّ أمام عيني ، منذ وعيت على الدنيا وحتى المشيب..
 تذكرت حبه ودلاله لي، وأنا الأثيرة عنده، تذكرت عطفه وحنانه عليّ، وقلبه الكبير الذي يسع الدنيا، انثالت صور صدره الدافئ الوثير، آه ، كم كان عطوفا وكبيرا وحنونا، لم يجرحني يوما بكلمة، وكم حقق لي من أمنية، وكم جاد به من أعطية.
تذكرت مواقفه الأبوية معي، والتى لاتعد ولاتحصى، ولن أنسى ما حييت ذلك الموقف الذي سيظل عالقا في ذاكرتي  للأبد، فعندما كنت في الثانية عشرة من عمري، وفي شهر رمضان المبارك، وحرّ الصيف اللاهب،وطريق الجنوب الوعر، عندما ذهب مع والدتي رحمها الله، لأداء العمرة وبعد عودتهما ، هرعت لتقبيل  رأسه، غير أنني لم أتمالك نفسي فغلبتني الدموع الغزار، فسألني : "ليه تبكين؟"..
لم أستطع حينها الإجابة، غير أنه ككل أبّ، فهم السبب، وعلم  بأنني كنت أودّ الذهاب معهم للعمرة، ومنعتني هيبته ومكانته بنفسي أن أصارحه، وفوجئت بعد يومين فقط من مجيئه من مكة المكرمة، يقول لي: (هيا جهزي نفسك للعمرة)، أتذكر بعد كل تلك السنوات الطويلة ، أن الدنيا لم تسعني من الفرحة، وذهبت بي الخيالات لتلك الديار المقدسة، وانا أعيش أروع لحظات حياتي، وطوال الرحلة تملكتني مشاعر الفرح الغامر، لفتاة في الثانية عشرة من عمرها..
لا أنسى للان، منظر الحرم المهيب، والطائفين حول الكعبة، لأنها المرة الأولى في حياتي، أخذني من يدي بكل حنان الأب ، وطاف بي أرجاء الحرم، ولم يدع طابقاً الا وصعد بي إليه، وأراني منظر الكعبة من الأعلى، وذهب بي إلى كل ركن في الحرم، وانا سعيدة اقفز من الفرحة ، والدنيا لا تسعني، وهو لا يتذمر  أويمل، بل كنت أرى سعادتي مرسومة في عينيه..
 ستظل هذه الرحلة أمتع وأجمل رحلة في حياتي، كيف لا وأبي من ألطف الناس صحبة، وأحنهم قلبا، وأكرمهم يدا، وأمتعهم حديثا.
الذكريات تنساب الان وتتزاحم من ذاكرتي، ماذا أتحدث هنا، هل أذكر  اصطحابه لي في الرحلات البرية، أم رؤيتي له وهو يبكي، بدموع غالية عند زواجي.
هل أذكر صدى ترحيبه بي عندما أزوره بعدها، والسعادة التي ينطق بها جملته الجنوبية الشهيرة:  (ياهلااا ياالله حيّها ) ،وإبتسامة الفرح والرضى ترتسم على وجهه الوضيء.
أبي ياقرة عيني، وبهجة فؤادي، لقد فارقتنا جسداً، وروحك العطرة، ترفرف حولنا،وكلماتك ونصائحك القيمة نبراس ينير طريقنا، وسيرتك الطيبة منهجا لحياتنا،وذكرك الجميل تاج على رؤوسنا..
فلم يعزيني فيك رجل من أصدقائك وقرنائك، ولا إمرأة من قبيلتي، ولا أحدا يعرفك ، كبيراً كان أم صغيراً، الا وذكروك بجميل الذكر، وشهدوا لك بحسن الخلق، وكرم اليد، وسماحة الوجه، وطيب المعشر، وسلامة الصدر، وعفة اللسان، ودوام الوصل، ونظافة القلب، وصلة الرحم،  وحب الخير، والحكمة وصواب الرأي، وإصلاح ذات البين.
الناس شهود الله على خلقه، فهنيئا لك هذه الشهادة يا أبي..
مرت جنازة بالنبي صلى الله وسلم فأثنوا أصحابه عليها خيراً، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم وجبت،ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم وجبت فقالوا : ما وجبت يا رسول الله ؟
فقال: هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه )
إن البشر كل البشر لا يدركون قيمة ما يملكون إلا حين يفقدونه، وأنت –يا قارئ سطوري- لن تدرك قيمة أبيك الا حين تفقده، فأغتنم وجوده، ببره والإحسان إليه، وتمتع بحديثه والنظر إليه،
فإن تفقد ( أباك) فقد أغلق في وجهك باباً من أبواب الجنة.
إن تفقد ( أباك) فقد فقدت السماء التي تجود بنبع الحب والحنان..
إن تفقد ( أباك ) معناه الألم الدائم، والحزن العميق، والشعور بالضياع والوحدة، والفراغ والوحشة، واليتم والحرقة، إحساس لا يعرفه إلا من جربه وعاشه، إحساس لا يعرفه إلا من ذاق طعم الفقد ومرارة الرحيل.
رحمك الله يا والدي وأسكنك فسيح جناته، اللهم أني أستودعتك من بات في قبره وحيداً، اللهم إجعل أعماله مُؤنسةً له، وأجعله ينام قرير العين مُطمئن برضاك وعفوك يا أرحم الراحمين، اللهم إفتـح له باباً تهب منه  نسائم الجنة، وآنس وحدته ومد له في قبره مد بصره  يا أكرم الاكرمين.