"معرض الكتاب ودسائس "أهل النفاق"!!
بقلم: سارة العمري
كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والمجتمع.
زرت معرض الكتاب، تظاهرتنا الثقافية السنوية، وسرني أن ارى جميع أطياف المجتمع، ذكوراً وإناثا، كبارا وصغارا، ملتحين وحليقين.!
تعمدت أن أتمعن في الوجوه، لأرى مدى الجدية في البحث عن الثقافة والمعرفة،
فرأيت الجميع شغوفاً بالعلم، ساعياً للحصول على كل جديد ومفيد، يقلبون
الكتب ويدققون في العناوين، يتفحصون المحتوى ويفتشون بين السطور، على
اختلاف المشارب والاهتمامات، وبجميع الأفكار والتوجهات، في حدود المسموح
والمباح.!!
وهذا
أمر صحي، وحراك ثقافي محمود، وتنوع فكري مطلوب، فلن نستطيع أن نجبر الجميع
على نوع واحد من الكتب، بل حتى المتدين ذاته لديه قراءات متنوعة، ومن يحسب
على تيارات أخرى لديه قراءات متنوعه ايضاً، وهذا من سماحة ديننا، وجمال
موروثنا، ففي عهد الرسول _صلى عليه وسلم _ كان هناك تنوع في الثقافة والفكر
مع تمسك وثبات على المعتقد.
فكان
أبو بكر العالم بالتاريخ والأنساب، وحسان الشاعر والأديب، وعلي الواعظ
والحكيم، وعائشة الروائية والقاصة، فقصة أبي زرع وأم زرع، مازالت تحكى
وتروى على لسانها -رضي الله عنها- إلى اليوم.
وسلمان
الملحق الثقافي، الذي يعرف بثقافة شعبه وعلومه رغم إسلامه، دون أن يمنعه
الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أو ينكر عليه، بل أخذ منها ما ينفع، وفكرة
حفر الخندق خير مثال.!
كما إن المذاهب الأربع والاختلاف المحمود بين الأئمة الكرام، من اكبر الدلالات على تعددية الإسلام وسماحته.
يقول (محمد أبو زهرة) ، في كتابه «تاريخ المذاهب الإسلامية» :إن هذا الاختلاف
قد فتح القرائح فاتجهت إلى تدوين علم الإسلام مجتهدة متبعة من غير جمود،
وتركت من بعد ذلك تركة مثرية من الدراسات الفقهية، لا نكون مغالين، ولا
متجاوزين المعقول إذا قلنا إنها أعظم ثروة فقهية في العالم الإنساني.
بالرغم
من سماحة ديننا، الا إن هناك خطوطا حمراء يجب الا نتجاوزها، الله،
والرسول، وثوابت الإسلام، وكان المؤمل من إخوتنا الذين هاجموا المحتسبين
في معرض الكتاب، أن يقفوا معهم، ويجرموا من يدس مثل تلك الكتب الكفرية،
التي تفسد عقول أبناءنا وبناتنا الغضة الطرية، وتدخلهم في متاهات الشك،
وتوقعهم في مصايد الكفر والإلحاد.
فكما
قال شيخنا عبدالعزيز الطريفي حفظه الله بيع كتب الإلحاد والكفر، أعظم من
بيع السلاح للقتل، فحماية الإيمان أولى من حماية النفس، قال تعالى:
(والفتنة أكبر من القتل) والفتنة هنا بمعنى (الكفر) بإتفاق المفسرين.
فكان
يجب على إخواننا بجميع توجهاتهم، أن يشجبوا وجود هذه الكتب، وينكروا على
من باعها ومن سمح بدخولها للمعرض، ففي هذه الكتب تعدّ صريح على ثوابتنا
وموروثنا العقدي و الثقافي.
فلكل
أمة ثقافة وموروث مقدس، والأمة التي لا تحترم موروثها وتفخر به وتدافع
عنه، أمة بلا هوية وبلا كرامة، فإذا كان أصحاب الأديان المحرفة، و عُباد
النار والبقر، والشجر والوثن، يستميتون في سبيل الحفاظ على موروثهم
وثوابتهم.
فما بالنا نحن أهل التوحيد والدين القويم الذي شهدت به جميع الرسالات السماوية، ومعبودنا غني عن التعريف.
ف ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )
" وفي كل شيءٍ له أيةٌ تدلُ على أنهُ واحدُ ".!
من
المؤسف أن نرى هناك من يخجل من الدفاع عن ديننا، ويعتبر التنصل منه
والتخلي عنه حضارة ورقي وتمدن، والتمسك به رجعية وتخلف وتقهقر.!
عجباً
لبني قومي الذين يشيدون بالأخرين، لتمسكهم بثقافتهم ومحافظتهم على
حضارتهم، ويعيبون علينا تمسكنا بثوابتنا ومحافظتنا على مقدساتنا.!!
أيها
المتشدق بثقافته وانفتاحه، المتنطع بالحرية والديمقراطية، انفتح على
أبناء بلدك أولاً، وامنحهم الحرية في الفكر والتوجه، وتعامل معهم
بديمقراطية وعدالة، وتفهم غضبهم لانتهاك أقدس ما يدينون به، والتعدي على
ذات الله بما لا يليق به سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
لعلكم في قرارة انفسكم لستم براضين عن ذلك، ولكن أخذتكم العزة بالإثم، لموقفكم المخالف ولن أقول "المحارب" للمحتسبين.!!