لمن ينادي بإلغاء الهيئة!!
حادثة الظهران..رسالة بلا تحية
بقلم: سارة العمري
كاتبة سعودية
تراءت لي الفضيلة وهي تبكي... فقلت عـلام يغلبك البكــاءُ.
فقالت قد أضاعتني شباب... وأشياخ وعـادتني نسـاءُ.
وها أنا من نبـال القوم صرعى... تضرجني لدى قومي الدمـاءُ.
وأجمعت القوى منهـا وقالت... وقد ظهر التألم والعناءُ.
أرى داء الرذيلة بإنتـشـار... وأخشى أن يطـول به البقاءُ.
وذلك في الحقيقة شـر داء... عضـال لا يعالجه شـفاءُ.
شاهدت فديو تحرش الشباب بفتيات الشرقية، فصعقت وتألمت كثيراً، وبكيت على ماضينا الجميل وماكان يتميز به من مكارم الأخلاق.
وقد استشهد الدكتور/عبدالعزيز قاسم، في مقالته عن الحادثة، بقيم وأخلاق الحارة الحجازية القديمة.
وأنا
أقول له لقد ذكرتني يادكتور بقريتي الحالمة، وبقيم وأخلاق أهلها، والترابط
بين أفرادها، فقد كنا ننادي كل رجال القرية "بخالٍ أو عم " وشبابها بمثابة
الأخوة لنا، وكانت الفتيات يتحركن بكل حرية، وإذا واجههن أي مشكلة يستعن
بأحد شباب القرية، دون تردد أو خوف، بإعتباره الأخ المعين، والحارس الأمين.
وبالفعل كان كل شاب يرى بنات قريته كأخواته، فيحافظ على سمعتهن، ويحرسهن من عيون الغرباء، وغدر الدخلاء.
وهنا أتسأل بحرقة: أين نحن اليوم من تلك القيم الأصيلة والأخلاق الكريمة؟!
وهل
وصل بنا الإنسلاخ من تعاليم ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، والتخلي عن
عاداتنا وقيمنا وتقاليد مجتمعنا المحافظ، إلى هذه الدرجة من الإنحطاط
الأخلاقي الذي لايقبله دين ولاعرف؟!
حتى راينا الفضيلة تهتك وتنتهك، على أبواب الأسواق، وفي الشوارع والطرقات.!!
من قبل من تعقد عليهم الأمة الآمال، وتعدهم ذخرها وذخيرتها.
إني
لأعجب من هذه الطريقة، الهمجية، والغريزة الحيوانية، التي تعامل بها هولاء
الشباب مع الفتيات، وأعجب أكثر إنه لايوجد بينهم عاقل يردعهم، ولا غيور
ينتخي لحماية تلك الضعيفات.
أين غيرة المسلم، و نخوة العربي، و حمية أبن الوطن.؟!
قد
يحتج أحدهم بإن الفتيات كاشفات الوجوه أو متبرجات، ولكن هذا لايبرر
الإعتداء عليهن ومضايقتهن، بل هي "حجة اقبح من ذنب" فالخطأ لايعالج بخطأ
أكبر منه.
إن هولاء الشباب عينة مشوهة، لاتمت لتعاليم ديننا وأخلاقيات وقيم مجتمعنا بأية صلة، فقد شوهوا الصورة الجميلة لشبابنا المحافظ الغيور.
فهناك
شباب لهم صور مشرقة، وبصمات إيجابية، ومواقف مشرفة، فهم يشاركون بكل همة
ونشاط في كافة الفعاليات التطوعية، وهم أول من يتواجد في أماكن الكوارث،
لتقديم العون والمساعدة، وسيول جده وإحتراق ناقلة الغاز في الرياض، وغيرها
من المواقف خير شاهد على بطولاتهم.
وفي هذه الحادثة رسالة بلا تحية، لكل من ينادي بإلغاء الهيئة، أو تحجيم دورها، فعندما يغيب الأسود تستسعر الكلاب.!!
فالهيئة
هي صمام أمان المجتمع، ورجالها هم حراس الفضيلة، ومحاربوا الرذيلة، فهم
يقومون بأدوار بارزة، لحماية الفتيات من ابتزاز الشباب المستهتر، والمحافظة
على قيم وأخلاقيات مجتمعنا المسلم من طيش المتهورين، وعبث العابثين.
فبعد هذه الحادثة إتضح بالدليل القاطع مال للهيئة من أهمية، ودور بارز وفعال، في محاربة الفاحشة، ومقاومة الفساد الأخلاقي.
وإني لأخشى على من يطالب بإلغائها أن يندرج تحت قوله تعالى:
(إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.)
إن
خيرية هذه الأمة في بقاء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد
جعلها الله من الواجبات على من مكنهم في الأرض، قال ربنا تبارك وتعالى:
( الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الأُمُورِ.)
لقد
حاول محاربوا الهيئة من خلال وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، أن يكونوا
رأياً مجتمعيا سلبياً عن الهيئة، ولكن أتت هذه الحادثة قاصمة لظهورهم،
مبينة لعوار عقولهم،
وأثبتت
بأن لاغنى للمجتمع عن رجال الحسبة الأفذاذ، الذين يأخذون على يد السفيه،
ويردعون كل مفسد وخبيث، والكل يتحدث على أن هيبة رجل الهيئة عند هؤلاء
الشباب أكثر بكثير من هيبة رجل الأمن..
وقد
تكوّن لدى المجتمع بعد هذه الحادثة قناعة، بأن من يطالب بإلغاء الهيئة،
يريد أن تنتشر المنكرات، ويعم الفساد في البلد، بدعوى الحرية والإصلاح!!
فأصبح
كثير من المنادون بإلغاء الهيئة سابقاً، مؤيدين الآن لإستمرارها وتكثيف
جهودها، فرد الله كيد المفسدين في نحورهم، وأظهر الحق رغماً عن أونوفهم.
إن
السواد الأعظم من المجتمع اليوم، يطالب بأن تُعطى الهيئة الصلاحية
المُطلقة، في معاقبة منتهكي أعراض المسلمين، ومخالفي السمت العام للمجتمع،
فدورها لايزال ضعيف والنظام لايتيح لها صلاحية معاقبة المذنب.
وقد قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه:(إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن.)
كما يجب تفعيل نظام الحماية من الإيذاء، والذي يشتمل ضمنياً على منع التحرش.
والإعلان
عن العقوبة الواردة فيه، وهي السجن والغرامة المالية، ويجب إضافة التشهير،
لتكون رادعة للشباب المتهور، وحماية للمرأة من شرورهم.
وربط هذا النظام بالهيئة مباشرة، وإعطائها كامل الصلاحيات في تطبيقه وتنفيذه.
ولابد من التأكيد على أهمية التمسك بالأخلاق والقيم الفاضلة، فلها في ديننا أهمية عظمى في إصلاح حياة الفرد والمجتمع.
فإذا انتحرت الأخلاق انتشرت الرذيلة، وطمست الفضيلة، وزدادت الجريمة.
سنوا قوانين صارمة لمنع التحرش، وأعطوا رجل الهيئة كامل صلاحيته، وخذوا أمناً إجتماعياً .