الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

في الذكرى الأولى ل"نيوم" الجدّ وحفيد الجدّ .. بين ذهبين

   في الذكرى الأولى ل"نيوم"
  الجدّ وحفيد الجدّ .. بين ذهبين

   بقلم: سارة العمري


"دائما ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تُبنى على مكامن القوة. ونحن نثق ونعرف أن الله سبحانه حبانا وطناً مباركاً هو أثمن من البترول". 
محمد بن سلمان 

أثناء متابعتي لفعاليات منتدى " دافوس الصحراء٢" واسترجاعي لتاريخ انطلاق رؤية الخير 2030 ، والتي انطلقت قبل عامين بالكلمات الآنفة لسمو ولي العهد. 
عادت بي الذاكرة لتاريخ بلادي العظيم، فتذكرت ذلك اليوم المشهود قبل أكثر من ثمانين عام، عندما بدأت قصة اكتشاف النفط "الذهب الأسود" في المملكة العربية السعودية، وقتما وقّع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، في 29 مايو عام 1933م، اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط  بين حكومة المملكة والشركات الأمريكية.

من هناك بدأت قصة النهضة الأولى بتوفيق من الله أولاً، ثم بفضل الرؤية الثاقبة والحكيمة للملك المؤسس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

وقتها شكّل اكتشاف النفط نقطة تحوّل كبرى في تاريخ المملكة، فلم تكن تلك النقلة الكبرى للمملكة من العوز والفقر وانعدام الموارد، إلى التنمية والحداثة والمشاريع العملاقة تلقائية، ولم تتم بسهولة، ولكن كانت هناك رؤية تنموية، ورغبة صادقة في أن يكون هذا الكنز الذي استخرج من باطن الأرض وسيلة لتعويض أبناء هذه البلاد المباركة عن شظف العيش والفقر والفاقة، وتوفير الحياة الكريمة لهم.

هذه الرؤية التي حملها المغفور له بمشيئة الله تعالى جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيّب الله ثراه، 
كانت تلك بداية النقلة الحضارية والاقتصادية والاجتماعية التي واكبت اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية.

وبما أن التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، فإن هناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول قد تتشابه مع ما قبلها أو ما بعدها، وقد لا تتشابه.!

هآ نحن اليوم، وبعد أكثر من ثمانين عاماً من هذه الرؤية المباركة؛ نرى التاريخ يعيد نفسه، وبنفس النظرة الثاقبة، ومن المصدر نفسه من كنوز أرضنا المباركة، عندما أطلق صاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن سلمان ال سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية رؤية السعودية 2030، والتي تمّ الإعلان عنها في 25 إبريل 2016، والتي تقوم على إيجاد مصادر دخل بديلة عن النفط المصدر غير الدائم الذي سينضب خلال سنوات معدودات، محددا رؤيته الثاقبة عبر ما قاله في كلمته وقتها:

"بلادنا فيها الحرمان الشريفان، أطهر بقاع الأرض، وقبلة أكثر من مليار مسلم، وهذا هو عمقنا العربي والإسلامي وهو عامل نجاحنا الأول. 
كما أن بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وسنسعى إلى أن تكون محركا لاقتصادنا ومورداً إضافيا لبلادنا وهذا هو عامل نجاحنا الثاني.
ولوطننا موقع جغرافي استراتيجي، فالمملكة العربية السعودية هي أهم بوابة للعالم بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث، وتحيط بها أكثر المعابر المائية أهمية، وهذا هو عامل نجاحنا الثالث". 
محمد بن سلمان

قال سموه بأن أرضنا تزخر بالموارد الطبيعية الغنية التي ستدر على بلادنا الخير الوفير،  فأطلق رؤيته المباركة بمشاريع ضخمة ستحوّل "الرمال الصفراء" إلى ذهب،  لأن الاستثمار في الأراضي الخام "الذهب الأصفر" لا يقل أهمية عن الاستثمار في النفط الخام "الذهب الأسود" .!

ونحن نمتلك منها الكثير ولله الحمد، وفي مواقع جغرافية استراتيجية كما ذكر سمو ولي العهد حفظه الله، عند اطلاق رؤيته ، 
كموقع مشروع "نيوم"  العملاق، الذي يمتاز بإطلالته على ساحل البحر الأحمر، والذي يعد الشريان الاقتصادي الأبرز، فالبحر الأحمر  تمر عبره قرابة 10 في المئة من حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى أن الموقع يعدّ محوراً يربط القارات الثلاث؛ آسيا وأوروبا وأفريقيا. 
وكما قال الباحثون فإن 70% من سكان العالم يمكنهم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى.! 

على هذه البقعة الفارهة من الأرض سيقام مشروع " نيوم " العملاق والذي سيكون بمثابة بئر "الدمام" بئر "الخير" كما أسماها الملك عبدالله رحمه الله، والتي كانت بفضل الله النواة الأولى لما نعيشه اليوم من ازدهار وتطور ورغد عيش ولله الحمد والمنّة.

مشروع "نيوم" سيكون هو النواة التي ستنطلق منها الثروة الحديثة والمستقبلية لبناء "السعودية العظمى"، وسيجعل من المملكة وجهة للمستثمرين من جميع أنحاء العالم للدخول في مشاريع متنوعة سياحية واستثمارية وتنموية تنقل الوطن إلى مصاف دول العالم الأول، وتعود عليه بالازدهار والرخاء وعلى المواطن بالدخل العالي والرفاهية.

وهذا ما أوجع أعداء الوطن، ومحاربي النجاح من حولنا، وأثار حفيظتهم ، مما جعلهم يحيكون ضدنا أقذر المؤامرات، ويشنون علينا أشرس الحملات، فالصياح يكون على قدر الوجع.!

ستبقى السعودية مستمدة لقوتها من الله تعالى ثم من التماسك الداخلي، واللحمة الوطنية التي تقف سداً منيعاً في وجه كل حاقد ومتأمر .
وأثبتت الأحداث عبر التاريخ إن اتحاد هذا الشعب الوفي الأبي تحت راية ولاة أمره حفظهم الله وأيدهم بنصره، هو صمام الأمان لهذه البلاد الطاهرة.
وليمت الأعداء حسدا وغيظا وقهرا،فالسعودية ستبقى سماء صافية لايكدرها نعيق الحاقدين، ولاصياح المرجفين، وستظل شامخة، منارة للهُدى، نبراساً للعدل.

        وختاماً نتسآءل مع مراسل الحزم محمد العرب: 
        " نحنُ هنا أين أنتم؟!"

الثلاثاء، 8 مايو 2018

تأملات وعبر

 " تأملات وعِبر "

بقلم: سارة العمري



في هذه الليلة الطويلة التي لم يكد يطلع فجرها، وأنا أقضيها مع ولدي الصغير في إحدى المستشفيات، تذكرت والذكرى مؤرقة.!..
تذكرت أحبة لنا لطالما سهرنا وإياهم في مثل هذه الغرفة الكئيبة، ولطالما انتظرنا بزوغ الفجر لعله يشرق علينا بأمل قد بدأ يتلاشى مع اشتداد ظلمة الليل وازدياد أنين الصدور..!

ولطالما ردّد لساني، وأنا أتأمل في تلك الليالي قول الشاعر:

كفى بك داءاً أن تر الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيا..!


ومن هنا أحاول أن أعود من جديد، وقد غبت عن الحرف طويلاً وهجرت القلم هجراً جميلاً، فلم يكن الغياب موتاً للحرف أو عجزاً في البيان أو جفافاً للمداد.!
إنما لصعوبة بعض المحطات التي نمر بها في حياتنا والتي نعجز عن التدوين لها أو التعبير عنها..!

ففى رحلة العمر تواجهنا محطات كثيرة، أصعبها الموت.. محطة سنقف عندها ولابد أن نمر بها.

سواءاً لنودع حبيب أو ليودعنا أحبابنا، فمهما عشنا ومهما طال العمر بنا، لابد أن يأتي يوم ليقف القطار وتتعطل القضبان.!

في رحلة العمر ،والأيام مسرعةً
لا تنسَ من أنت أو ماوجهة السفرِ.؟

وهانحن قد وقفنا عند احدى تلك المحطات، وعثرات الأيام قد ملأتنا بالجراح، وأنهكتنا بصفعاتها المتتالية، وأحزانها الغائرة.

 مماجعلنا نقف طويلاً عند بركان ذواتنا، عاجزين عن الانفجار بما تخفيه أساريرنا، ومايشتعل داخل قلوبنا.
فالحياة تمثل علامة استفهام كبرى، فهي مليئة بالتساؤلات والمواقف التي تثير دهشتنا، ولا نجد لها تفسيرا.
ولكننا إعتدنا هذه الأمور، وصرنا نتقبل أشد المواقف وأصعبها بإبتسامة باهتة !

ولكن ..هناك دائماً بصيص نور ينبثق من وسط الظلام، وغالباً ماتكون المنح في ثنايا المحن، والقوة تتولد من الضعف، والعبر من العبرات.!
ففي هذه الرحلة التي تقارب أربعة أعوام، مررت خلالها بمواقف كثيرة وتعرفت على معادن عديدة، منها النفيس الثمين، ومنها البخيس الرخيص.! 

تلك الرحلة جعلتني أعيد النظر في الكثير من القناعات وأفكر ملياً قبل أن أصدر الأحكام جزافاً بلا تأملات.!
فكل انسان في هذه الحياة لديه جانب خفي عن الناس، فما كل مايلمع ذهباً، وماتلك الأسوار البراقة والديكورات الجذابة من الخارج إلا واجهات مزيفة  تخفي خلفها قصصا وأحداثا مؤلمة.

فليس كل من ضحك سنه ضحك قلبه، بل ربما كلما زاد الجمال الخارجي كلما كان خلفه الكثير من الآلام والأحزان.!
فلا نقتحم على الناس أسوارهم ، ولاننتهك خصوصياتهم ولانكلفهم مالا يطيقونه، بالحكم عليهم بما نراه ونحن لانعلم خفاياه.!
 
بل إن هذه المرحلة جعلتني أفكر في الحياة برمتها بطريقة أخرى ومن زوايا مختلفة، فقد أثبتت لي بالدليل القاطع أن لا أمان لها ولا دوام لحالها وأنها سريعة الدوران متعددة الوجوه كثيرة التلون عاجلة الزوال. 

لذلك قررت أن أعيش فيها بلا أحقاد،  بلا جدل، بلا كراهية. أعفو وأصفح وأحسن النية، ألتمس الأعذار، وأتغافل عن الزلات،
 أحياها على مبدأ قوله تعالى:

( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )


وقوله عز وجل:

 ( والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

أجتهد لأترك الأثر الطيب والذكر الجميل. 

أحاول أن أرسم الإبتسامة على الوجوه، وأدخل الفرحة للقلوب. أحرص لجعل تلك البصمات نقشاً في قلوب كل من مررت بهم، لا تزيلها عوامل النحت والتعرية ، ولا تمحوها معاول الهدم والبناء..!


متمثلة في ذلك قول الشاعر:

هذه الحياةُ سأحياها على أملٍ ..
ألا أغادرها من غيرِ ما أثرِ

حتى ولو ضحكةً في وجه مكتئبٍ
حتى و لو معطفاً يحمي من المطرِ.!

حتى ولو دعوة في الليل أرسلها
ممزوجة بدموع الشوق في السّحرِ

حتى ولو حباً ، في الله أنثرهُ
ملء الدروب وملء السمع والبصرِ

حتى ولو دمعة من خد ذارفها
أزيلها و أواسيها على قدري

إنّا على الأرض رحّالون أتعبنا
طول الطريق وأنت العون في السفرِ


في خضم هذه الأحداث وعبر مراحل هذه الرحلة كان هناك عابرون كُثر منهم من حفر اسمه بحروف من ذهب على جدران قلب كان يقطر دماً، فالتأم عليها، وستبقى تلك الأسماء محفورة داخله، يدين لها بالحب والوفاء إلى الأبد.!
ومنهم من أخذ قطرات من ذلك الجرح وكتب أسمه على رمل في قارعة الطريق، فهبت ريح فنثرته وبعثرته فلم يبق له أثر يذكر.!  

وأنا هنا أدعوكم لنفكر الآن سوياً..
 أنا وأنتم ..
 وليمسك كل منا ريشة وليحضر ألوانه المشرقة،
لنلون حياة أناس لم يروا من الحياة إلا جانبها المظلم.!
ولنرسم على شفاههم أجمل ابتسامة عرفوها في حياتهم .
ولندع سيول الشتاء تجرف أوراق خريفنا المتساقطة، وتروي أشجار حياتنا بانتظار ربيع جديد.!.