كابوسنا المخيف.. وحلمهم الوردي
بقلم: سارة العمري
لقد
بدأ العد التنازلي ودنت ساعة الصفر، وأطلقت صافرات الإنذار، وأعلنت حالة
الطوارئ، وداهمنا شبح مخيف وكابوس مزعج، كعادتنا الميمونة نهاية كل فصل
دراسي. وبدأنا بعزف السيمفونية الشهيرة..ذاكر..ذاكري..!
هنا نتساءل عن هذه الحالة من الهلع والذعر التي تنتابنا سنوياً، من المتسبب فيها؟
هل
هو النظام التعليمي، أم المنفذ لهذا النظام، المدرسة أم الأسرة، المعلم أم
الطالب، المجتمع أم الإعلام.؟ سؤال عريض يحتاج لإجابة أعرض.!
صادف
العام الماضي، تواجدنا في أوربا آخر أسبوعين من الدراسة لديهم، وكنا للتو
خرجنا من وعثاء عامنا الدراسي، وبالكاد صحونا من كابوسنا السنوي، لنجده
عندهم مختلف تماماً، فهو كحلم وردي جميل، فلم نزر حديقة عامة، ولا متحفاً
ولا معلماً سياحياً، الا وجدناه يكتظ بطلبة المدارس مما أثار استغرابنا.!
فسألنا
السائق المرافق لنا عن ذلك فقال: هكذا الحال كل عام، تكون الأسبوعان
الأخيران من العام الدراسي فترة ترفيه للطلبة، حتى تكون ذكرى جميلة تجعلهم
يشتاقون للعودة لمدارسهم في العام المقبل.!
فقلنا بصوت واحد والكابوس ! اقصد والإختبارات؟!
فقال هم في اختبارات وتقويم مستمر، فالمعلم يتابع ويقيم طلابه على مدار الفصل الدراسي، لذلك لم يعد هناك حاجة للإختبارات.!
وكان
لختام العام الدراسي في جنيف حكاية أخرى، فقد كان من محاسن الصدف أن
تواجدنا هناك، وإذا بوفود غفيرة من الطلبة والطالبات، والمعلمين والمعلمات،
يتوافدون على البحيرة، ومعهم آلاف البالونات الملونة.
ثم
تجمعوا في لوحة فنية رائعة، وبدأوا بالأناشيد ثم بإطلاق البالونات في
الفضاء، في جو تملؤه السعادة والبهجة، معلنين نهاية عامهم الدراسي، وقد
كتبوا أمنياتهم للعام القادم على تلك البالونات، منتظرين تحقيقها مع عودتهم
لمدارسهم من جديد بكل شوق ومحبة.!
فتذكرت حال طلابنا نهاية كل فصل دراسي فتمزيق الكتب بديل عن إطلاق البالونات.!
وطريقة
توديعهم لمدارسهم شبيهاً بمحكومين بالسجن مع الأشغال الشاقة، ينتظرون لحظة
الإفراج بفارغ الصبر، ويتمنون الا يعودوا لهذا السجن أبدا.!
ثم
قارنت مخرجات تعليمنا بمخرجات تعليم القوم، ولست هنا أمجدهم، ولكن تمنيت
لو أخذنا من إيجابياتهم بالقدر الذي أغرقتنا به سلبياتهم.!
وختاماً اكرر تساؤلي في بداية المقال أين الخلل يا وزارة التربية والتعليم؟
اليس في نظامنا التعليمي، شيئاً مشوقاً، يربط أبنائنا بمدارسهم ويحبب إليهم العلم والمعرفة؟
طبقنا التقويم فلم ينجح، وشبح الاختبارات مازال يلاحق أبناءنا دون أن يكبح.! فكيف لتعليم هذا حاله أن يفلح.؟
وهل الثمانين مليار الأخيرة، ستصلح حال التعليم المتهالك وما أفسده الدهر، والوزراء المتعاقبين؟!