الجمعة، 6 ديسمبر 2013

بين "التربية" و"نزاهة".. وآ حرّ قلباه

بين "التربية" و"نزاهة".. وآ حرّ قلباه


بقلم: سارة العمري
كاتبة سعودية


ضربت كفا بكف وحوقلت وبسملت، وأنا أقرأ تصريحين غريبين، جعلتني أتمتم: وقتما تضيّع الأمانة..

التصريح الأول لوزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله، يقول بأنه لم تكن لديه خلفية في التعليم، وإنه اقترب منه خلال تجربته في الوزارة، خلال السنوات الأربع الماضية، وقال: إنه مطمئن على التعليم بالمملكة ولفت إلى أن المسؤولية كانت كبيرة.!!

عذرا ياسمو الأمير: إن لم تكن لديك خلفية عن التعليم، وأنت الوزير على رأس أهم وزارة على الاطلاق، فمن يمتلك هذه الخلفية.؟!

أهو "سوكيرتي" الوزارة، أم حارس المدرسة، أم سائق الحافلة.؟!

 التعليم هو الركيزة التي يمكن من خلالها النهوض بالمجتمعات، ومن أسباب تخلف التعليم لدينا التخبط الواضح في السياسات التعليمية، وخصوصاً عندما تسند مهمات التعليم لغير أهله. ففي الدول المتقدمة يتم إختيار الوزراء من أصحاب الكفاءات والتخصص، والسؤال المطروح هنا: على أي أساس تمّ اختيار وزير التربية وهو باعترافه لا خلفية عنده عن التعليم؟

كان عليه أن يسكت على الأقل، بدلا من أن يؤلمنا بهذا التصريح الفضيحة، و المضحك المبكي، أن يكون رأس الهرم في وزارة، هي حجر الأساس في بناء وتنشئة وإعداد الأجيال، ليس لديه خلفية عن عمله، الذي أوكل إليه وأقسم أن يؤديه على أكمل وجه، بكل صدق وأمانة وإخلاص.

قد صدقت ياسمو الأمير: عندما إعترفت بإن لا خلفية لديك في التعليم، ولكن بقيت الأمانة والإخلاص، فمن تضييع الأمانة، أن يوكل الأمر لغير أهله، فمادمت لست أهلاً لهذا المنصب، لماذا لم تعتذر عنه من الأساس، أو تستقيل الآن، وتسنّ سنة حسنة لكل مسؤول يرى أن ليس لديه الخبرة الكافية، ولا الدراية الوافية، عن مجال عمله، فتكون بذلك قد أخلصت النية لله، ثم لمن ولاك هذا المنصب، ثم لرعيتك الذين أنت مسؤول عنهم، أمام الله وأمام خلقه.

هم فلذات الأكباد، والبذرة التي ستنتج ثماراً يانعة، ورياضا وارفة، تتفيؤ ظلالها أجيالنا القادمة.
فمن وزارتك ياسمو الأمير: يتخرج المعلم والمدير، والمرشد والموجه، والعسكري والمهندس، والطبيب والسفير، والوزير والغفير و و و...الخ.

فمن الأمانة عدم تضييع كل هولاء، مقابل منصب زائل، وأنت لاينقصك المال ولا الجاه، لتتمسك به ولست أهلاً له، وهذا بإعترافك أنت، وليس فرية عليك.!!
ورسولنا صلى الله علي وسلم يقول: ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه ).


أما التصريح الثاني فقد كان لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) محمد الشريف  حيث قال: إنه لا يوجد تأثير واقعي واضح للفساد على قطاعات الاقتصاد والتنمية، وإقامة المشاريع.

وأبان الشريف خلال ندوة "واقع الفساد الإداري في المملكة وجهود التغلب عليه"، أن التقصير في المتابعة ومراقبة المشاريع والخدمات يوصف بأنه إهمال.
وتابع وفقاً لصحيفة "الحياة" أن الإهمال يندرج ضمن مفهوم الفساد بلا شك لكنه ليس فساداً مقصوداً، مثل الرشوة وسوء استخدام السلطة".

"وفسر الماء بعد طول الجهد بالماء" لقد حيرتنا يامعالي الريئس..!!
"البيضة من الدجاجة والا الدجاجة من البيضة"!؟
الفساد فساد، مهما حاولنا تغيير المسميات، وتلطيفها، سواءً كان إهمال، أو تقصير، أو تسيب أو رشوة، أو إهدار للمال العام بالخيانة وضياع الأمانة.
كل ذلك فساد يعيق المشاريع، ويؤخر التنمية، ويهدر ثروات البلد ويضيع مقدراته.

وهذا التصريح قمة الفساد.!
فالأصح أن يكون "نزاهة لم تؤثر في مسيرة الفساد.!! فقد أثبتت فشلها الذريع في مكافحته،
والسؤال أي تنمية يقصدها الشريف، تنمية الأرصدة والحسابات البنكية للمسؤولين، أم تنمية الوطن والمواطن؟!

وإذا لم يكن هناك فساد، فلا حاجة لنا بك؟

فياليتك تستقيل وتوفر راتبك ورواتب موظفين الهيئة لدعم مسيرة التنمية!!

لقد عولنا الكثير على هذه الهيئة، ولكن للأسف الشديد، "بغينها عون فصارت فرعون"!!
وأصبحت تبرر للمفسدين فسادهم، وترمي مسؤولياتها ومهماتها على غيرها، فتطالب الجامعات، بتصنيف الفساد وتعريفه، ياللعجب!! وهل يحتاج الفساد إلى تصنيف وتعريف؟

انظروا لعدد العاطلين في البلد، إنزلوا الشوارع وشاهدوا فشل المشاريع،  زوروا المستشفيات وأحصوا كم مريض في ممرات الطوارئ بلا سرير، بالرغم من الميزانية الضخمة للصحة، تفقدوا المدارس وسترون عجبا.!
فاجأوا الدوائر الحكومية بالزيارات دون علمهم.، وستجدون ضالتكم بلا شك.!

 صدق الله العظيم: ( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين )

ووزراة التعليم وهيئة مكافحة الفساد تحتاجان إلى ذلك القوي الأمين.!