"أعقك أبناؤك يا أم الدنيا"
سارة العمري
كاتبة سعودية
مازلتُ أقرأُ في العيونِ
الحائرةْ نفسَ السؤالْ..!
القلبُ مُنكسرٌ ، والصوتُ غاضِبْ ،
والحالُ نفسُ الحالْ..!
مازالَ يَقتُلُني السؤالْ..!
فسُئلتُ عن مِصرٍ لِمَ يُمعِنُ
السفهاءُ في إذلالِها؟
لِمَ جرَّدوها الآنَ من كلِّ
المناصبْ ؟صدرَ القرارُ بعزلِها!
وهناكَ أكثرُ مِن مُحاولةِ اغتيالْ
فمن الذينَ تآمروا في قتلِها
؟؟!
"عبدالعزيز
جويده"
لقد كان يوم الأربعاء "السابع
من شوال" يوماً أسوداً في تاريخ مصر وتاريخ الأمة العربية والإسلامية جمعا،
فمصر ليست للمصريين فقط، بل هي كنانة العرب والمسلمين كافة، فقد ذكرت في
القرآن الكريم حوالي "35 "مرة، بصورة مباشرة وغير مباشرة، وكرمت في
الكتب السماوية، وقد أوصانا الرسول "صلى الله عليه وسلم" بأهل مصر خيراً
عندما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا فتح الله عليكم مصر استوصوا بأهلها خيراً،
فإن لنا فيهم نسباً وصهراً.)
إن ما حدث في مصر من تخويف وترويع
للأمنيين، واستباحه للدماء المحرمة، وإزهاق للأرواح المعصومة، دون وجه حق، قد
والله أدمى قلوبنا، وحرق مهج أفئدتنا، وذرفت لهوله مدامعنا.
كيف لا ؟
ومصر مأمن للخائفين على مر العصور
لقوله تعالى(ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (
لزوال الدنيا أهون عند اللَّه من قتل مؤمن بغير حق)
كيف لانحزن على مصر؟
وقد استشهد في مجزرة فض
الاعتصام، أكثر من 30 عالم أزهري، وعدد كبير من خيرة الأطباء، والعلماء،
والمهندسين، وأعداد لا تحصى من بقية شرائح الشعب المصري الكريم.
كيف لا نتألم؟
ونحن نشاهد عبر شاشات التلفزة، عشرات
الجثث ملقاة في الشوارع والميادين, وذويها يضعون عليها الثلج كي لا تتعفن، وذلك
بسبب منع حكومة الانقلاب الأهالي من استخراج تصاريح الدفن، وإجبارهم على تزوير
أسباب الوفاة.
ما الذي أصاب أم الدنيا، فلم تكن
يوماً مسرحاً للعنف والقتل، والثأر والحقد، فالذي راينه بالأمس من قتل وحرق للجثث
بطريقة وحشية، ينم عن حقد دفين، وثأر قديم، ولم نعلم عن المصريين سوى الحب والوئام
والتسامح فيما بينهم، فهل يا ترى هناك طرف ثالث مدسوس بين صفوفهم، فقد والله ذكرني
منظر الجثث المتفحمة بوصف الله سبحانه وتعالى في سورة البروج لما فعله اليهود
بالمؤمنين من حرق وتنكيل.
في قوله تعالى: (قُتِلَ أَصْحَابُ
الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ(6)
وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا
مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)
ومما يزيد الألم، ويثير الدهشة،
تصريحات رؤساء بعض الأحزاب، بأن مصر قد رفعت رأسها عالياً بهذا الفعل، وإن الأمن
والجيش قاما بواجبهما الوطني والقومي،
المثل هذا أعدت الجيوش، ودرب
الأمن.؟!
لقد أصبحت جيوشنا اليوم معدة
لقتل شعوبها، والاختباء من أعدائها، فانطبق عليها المثل العربي القديم"أسدٌ
عليّ وفي الحروب نعامةٌ"
إننا نهيب بكل الأطراف في مصر، تغليب
مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية، وأهدافهم السياسية، ونأمل أن يدفعهم حب أمهم
الرؤوم، ووطنهم الحبيب، لنبذ الخلافات وتحكيم العقل، وإعادة ولو قليل من الحق
المسلوب لأصحابه،
ليجدوا مخرجا من أزمة نخشى أن تطول،
ويستغلها الأعداء، فهم بمصر يتربصون، منذ عصور ودهور، فلا تتيحوا لهم الفرصة اليوم
لتحقيق ماله يخططون ،وإليه يصبون.
أيها الشرفاء والعقلاء، أيها العلماء
والفقهاء، في مصر الحكمة والحضارة، والفقه والسنة والأصالة.
ابن عمر رضي الله عنهما يقول :
" إن من ورطات الأمور التي لا
مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله "
فأحقنوا دماءكم وجنبوا وطنكم
وأجيالكم القادمة ويلات الثأر، وشناعة الإنتقام.
وختاماً أبشركم بقول الإمام علي
"كرم الله وجهه"
إذا اشتملت على اليأس القلوب...وضاق
بما به الصدر الرحيب.
وأوطَنِت المكاره واطمأنت...وأرست في
أماكنها الخطوب.
ولم تر لإنكشاف الضرّ وجهاً...ولا
أغنى بحيلته الأريب.
أتاك على قنوط منك غوث...يمن به
القريب المستجيب.
وكل الحادثات إذا تناهت...فموصول بها
الفرج القريب.